يشعر الأهل بالإحباط عند تأخر الطفل بالكلام، لكنَّ الدراسات الحديثة تشير إلى أنَّ واحداً من كل خمسة أطفال تتطوّر لديه اللغة والكلام بوتيرة أبطأ من أقرانه، وأنَّ 10% إلى 15% من الأطفال في عمر السنتين يعانون من تأخر الكلام وأنَّ بعضهم يتدارك ذلك التأخر عند دخول روضة الأطفال، لكنَّ ذلك لا ينفي أنَّ التأخر بالكلام عند الأطفال قد يشير إلى وجود مشكلة تحتاج إلى تدخل المختصين.

إلى ماذا يشير مصطلح ” تأخر الكلام عند الطفل”؟

يميز المختصون مهارات مختلفة للكلام تصنّف تحت نوعين رئيسيين هما الخطاب واللغة، فيطلق على تأخر الكلام اسم ” تأخر لغة الكلام” لأن الاثنين يسيران جنباً إلى جنب، ويقصد بمهارات الخطاب التحدث والقدرة على تكوين الأصوات والكلمات بشكل صحيح. فقد يستخدم الأطفال الذين يعانون من تأخر الكلام الكلمات ولكنَّك تجد صعوبة في فهمها. وقد يواجهون أيضًا صعوبة في التحدث لأنهم يجدون صعوبة في تكوين الكلمات، أما اللغة فتشمل التواصل والفهم، وتشير إلى قدرة الطفل على نقل المعلومات التي يفهمها الآخرون، فقد يتحدث الأطفال الذين يعانون من تأخر لغوي بوضوح، لكنهم يستخدمون بضع كلمات فقط، ويجدون صعوبة في فهم الآخرين كذلك، وبالعموم، يجب أن يكون الآباء ومقدِّمو الرعاية قادرين على فهم نصف ما يقوله الطفل عندما يبلغ عامين، و75% على الأقل من كلماته عند بلوغه الثالثة، وفي الرابعة يجب أن يكون الجميع تقريبًا قادرين على فهم ما يقوله.

متى نقول إنَّ الطفل تأخَّر بالكلام؟

عادةً ما تكون المقارنة بين الطفل وأقرانه في المقدرة على الكلام والتواصل هي المؤشِّر الذي يستند إليه الأهل في رضاهم عن تقدم مهارات طفلهم اللغوية، لكنَّ الأخصائيين وضعوا مؤشرات أكثر دقة يستطيع الأهل الرجوع إليها لتقييم حالة طفلهم قبل تجاوزه الثانية من عمره، والمؤشرات هي:

  • لا يستخدم الإيماءات للتواصل قبل عمر 12 شهرًا.
  • يفضل الإيماءات على النطق عند عمر 18 شهرًا.
  • يواجه صعوبة في تقليد الأصوات ببلوغه 18 شهرًا.
  • لا يستطيع فهم الطلبات الشفهية البسيطة ببلوغه 18 شهرًا.
  • يقلد الكلام ولكن لا يستطيع إنتاج الكلمات أو العبارات عند بلوغه عامين.
  • لا يمكنه التحدث للتعبير عن احتياجاته قبل عامين.
  • لا يستطيع اتباع التوجيهات البسيطة قبل عامين.
  • لديه نبرة صوت غير عادية عند بلوغه عامين.

أسباب تأخر الكلام عند الأطفال

قد يعود سبب تأخر النطق واللغة عند الأطفال إلى مشكلة في النموّ أو في وظائف أعضاء الجسم، وتعدّ الأسباب الفسيولوجية الآتية هي الأكثر شيوعاً:

1- مشاكل حركية في الفم

غالبًا ما يحدث تأخر الكلام عند وجود مشكلة في مناطق الدماغ التي تتحكم في العضلات المسؤولة عن الكلام فيواجه الأطفال عندئذ صعوبة في إنتاج الأصوات لأنهم يعجزون عن  تنسيق حركة الشفاه واللسان والفك، أو عندما تكون العضلات التي تتحكم في الوجه والشفتين واللسان ضعيفة جداً بحيث لا تتمكن من العمل بشكل صحيح.

2- التوحّد

وجدت إحدى الدراسات أن نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 4 سنوات والذين تم تشخيص إصابتهم بالتوحد لا يستطيعون التحدث بالمستوى المطلوب بالنسبة لأعمارهم. كما يؤثر اضطراب طيف التوحد على تطور اللغة بأشكالها الأخرى، فالأطفال المصابون بالتوحد قد لا يستخدمون الإيماءات للتعبير عن احتياجاتهم قبل 12 شهرًا. ويسبب التوحد أيضًا مشكلة شائعة أخرى للتأخر اللغوي قد لا يفهمها الآخرون لأنهم يستمرون في تكرار نفس الكلمات، وعادةً ما تكون عبارة سمعوها في برنامج تلفزيوني أو في لعبة فيديو أو فيلم.

3- مشاكل في السمع أو اضطراب في المعالجة السمعية

يعاني بعض الأطفال من مشكلة في السمع تسمى اضطراب المعالجة السمعية والتي تمنعهم من فهم ما يسمعونه، وتؤثر صعوبة السمع بشكل كبير على قدرة الطفل على التحدث واستخدام اللغة وفهم الآخرين.

4- الإعاقة الذهنية

غالبًا ما يعاني الأطفال ذوو الإعاقة الذهنية من تأخر نمو واسع النطاق يؤثر على كلامهم ولغتهم وتعلمهم ونموهم الاجتماعي والعاطفي والجسدي، قد يواجه هؤلاء الأطفال صعوبة في إنتاج أو نطق الكلمات التي يمكن للآخرين فهمها. وقد يجدون صعوبة أيضًا في تجميع الجمل معًا أو فهم اللغة.

وأخيراً نذكِّر أنَّ الأمر الأهم بشأن تأخر الكلام عند الأطفال هو أنَّ التشخيص والعلاج المبكر يحدثان فرقاً كبيراً ويعطيان الأمل بتحسين قدرة الطفل على التعبير عن نفسه بلغة كلامٍ مفهومة.