رغم الفقر يبتسمون

محتويات المقال:

  1. تعريف الفقر والتشرد.
  2. تحديد خط الفقر المدقع.
  3. أسباب الفقر.
  4. تأثير الفقر على الفرد والمجتمع.
  5. الفقر والتنمية المستدامة.

 

يجلس وحيداً لا يملك من عمره سوى كسرتي خبز سقطت من غريب مر أمامه دون أن يفرق بينه وبين كيس مهملات على جانب الطريق، جلس ذلك التعيس وجسده مغطى بقماش ممزق كاشفاً التصاق جلده بعظمه فغدا كالميت الحي. هذا ما يفعله الفقر والتشرد بالناس.

تعريف الفقر والتشرد

  • يُعرف الفقر في اللغة إنه العوز والحاجة، وهو ضد الغنى. يعرف أيضاً أنه المُحتاج. ويوجد فرق بين الفقير والمسكين: الفقير: من يجد القوت، أما المسكين: من لا شيء له.

يُعرف الفقر اصطلاحاً: هو عدم قدرة الإنسان على تأمين الحد الأدنى من مستلزمات الحياة الأساسية من مأكل ومسكن ولباس وتعليم ورعاية صحية.

إن الفقر ظاهرة اجتماعية عامة يُعاني منها العالم أجمعه، ولا توجد دولة إلا وقد عانت من الفقر. انتشر الفقر بشكل أوسع من قبل خلال وبعد جائحة كورونا 2019، حيث كان تأثير الجائحة على الاقتصاد العالمي سيء جداً، وما زالت حتى الآن بعض الدول تعاني من النتائج الكارثية لاقتصادها. وبسبب الحروب والنزاعات في العالم ازادت نسبة الفقراء وبالتالي ارتفعت نسبة المشردين حول العالم بطريقة هائلة.

 

صورة تعبر عن المكان الذي يحتمي فيه المشرد

  • يُعرف التشرد في اللغة على أنه التسكع في الشوارع. والشخص المتشرد هو من لا بيت له ولا وظيفة، يتجول بدون هدف مشياً على الأقدام، قائماً بأفعال غريبة أو سائلاً الناس لكسب معيشته.

والتشرد يعني من يعيش حياة غير عادية خارجة عن نطاق الحياة الاجتماعية. كما يُعرف أيضاً أنه لا وجود لمنزل أو سكن يأوي غليه الشخص لوحده أو مع عائلته فيضطر للنوم في الشوارع بشكل أساسي.

إن كل من الفقر والتشرد مرتبطان مع بعضهما في الحاجة للمال الذي يمكنهما من شراء المتطلبات الضرورية للحياة.

تحديد خط الفقر المدقع:

مُنذ عام 2015، أُجري تعديل على خط الفقر الدولي وكان 1.90دولاراً للفرد في اليوم. واعتباراً من خريف 2022، سيتم تحديث الخط العالمي الجديد للفقر إلى 2.15 دولار. هذا يعني أنّ أي شخص يعيش بأقل من 2.15 دولار في اليوم يعتبر فرداً يعيش في حالة الفقر المدقع.

حسب تقارير منظمة الأمم المتحدة، إنّ أكثر من 160 مليون طفل معرضين لخطر الاستمرار في العيش في فقر مدقع بحلول عام 2030. (الأمم المتحدة)

 

 أسباب الفقر والتشرد

تُعزى أسباب انتشار الفقر إلى انكماش الإنتاج الاقتصادي وعدم القيام بالمشاريع التنموية التي تساعد على النهوض بالمجتمع.  ويعتبر الفقر السبب الرئيسي لظاهرة التشرد في المجتمع.

يمكن تصنيف أسباب الفقر إلى أسباب داخلية وأسباب خارجية.

  • الأسباب الداخلية:
  • النظام السياسي والاقتصادي السائد في المجتمع.
  • الحروب الأهلية وتدمير البُنى التحتية للبلد.
  • غلاء الأسعار.
  • طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه الفرد، وطريقة استثماره لثرواته والعمل على تنميتها بشكل مستدام.
  • الطمع والجشع والاستغلال عند البشر، ويزداد أكثر عند الأزمات واستغلال الظروف الاقتصادية والسياسية لصالح ازدياد ثرواتهم وغناهم.

 

  • الأسباب الخارجية:
  • الحروب.
  • الاستعمار.
  • الصراعات الدولية.
  • سوء توزيع المساعدات الدولية للبلاد الفقيرة والبلاد التي يسودها الفساد السياسي.

توجد أسباب أخرى لها علاقة بالشخص نفسه مثل:

  • الاتكال على الغير حيث يعتمد بعض الأفراد على الصدقات والتبرعات من الآخرين.
  • عدم قبول العمل و وضع شروط للقبول.
  • البطالة.
  • فقدان الأمل وسيطرة اليأس على نفسية الشخص.

 

تأثير الفقر على الفرد والمجتمع:

قال الإمام علي (كرم الله وجهه): “لو أن الفقر رجلاً لقتلته”. قال المهاتما غاندي: ” الفقر هو أسوأ أشكال العنف”.

إن الفقر يقضي على القيم والأخلاق في المجتمع. حيث يضطر الشخص الفقير أن يطلب من الأشخاص القادرين المال (في اللغة العامية “الشحادة”) حتى يستطيع شراء أبسط الحاجيات له من الطعام. كما يمكن أن يصنع الفقر لصوصاً لسرقة المال ليتمكن من إعالة نفسه أو إعالة عائلته أيضاً.

إن أي مشكلة اجتماعية لها أثرها الواضح على المجتمع والفرد. من أهم الآثار السلبية لظاهرة الفقر:

  • على الصعيد الفردي:
  • الحياة غير المتوازنة وغير السليمة، حيث يعيش الشخص حالة من التوتر والاضطراب الذي يمكن أن يؤدي احياناً إلى أمراض نفسية وعصبية. هذه الأمراض نفسها قد ينتج عنها أمور أخرى مثل القيام بالانتحار، أو اضطراب في الشخصية والسلوك، أو الإدمان على الكحول والمخدرات.
  • بسبب ضيق الأحوال المادية الشديدة، لا يستطيع الشخص تأمين احتياجاته من الغذاء لذلك يلجأ إلى البحث عن الطعام في القمامة وهذا ينتج عنه العديد من الأمراض أهمها مشاكل فقر الدم ونقص المناعة ومشاكل سوء التغذية.
  • بسبب الفقر لا يستطيع الفرد المصاب بالأمراض أن يذهب إلى الطبيب للمعاينة وتأمين الأدوية الضرورية للعلاج، وهذا يؤدي أحياناً إلى انتشار بعض الأوبئة.
  • تعتبر مشكلة الفقر السبب الرئيسي لحالات التشرد، حيث لا يستطيع الفرد تأمين مكان يأتوي إليه مما يضطره للنوم في الشارع أو على الأرصفة أو في الحدائق.
  • عند غياب الأمن وعدم تطبيق النظام على أفراد المجتمع، يضطر الشخص الفقير إلى اللجوء للقيام بالسرقة متناسياً كل القيم الأخلاقية والمجتمعية.
  • عدم قيام المنظمات الأهلية بتقديم المساعدات المالية والمساعدات العينية للفرد والأسرة الفقيرة سوف يزيد من فقرها وبؤسها وبالتالي سوف تزداد نسبة الناس المشردين في الشوارع.
  • الرفض من قبل المجتمع وعدم التعامل معهم إلا بحالات معينة.

 

طعامهم من القمامة

 

  • على صعيد المجتمع:
  • انقسام المجتمع إلى عدة طبقات، الطبقة الغنية التي تمتلك الثروة، والطبقة المتوسطة القادرة على تأمين

جزء من احتياجاتها الضرورية، والطبقة الفقيرة الغير قادرة على تأمين أي من مستلزماتها الضرورية

للحياة. في بعض الأحيان، وبسبب الظروف الراهنة في البلد تختفي الطبقة المتوسطة ليتحول المجتمع

إلى طبقتين؛ الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة.

  • عدم المساواة بين أفراد المجتمع وظهور خلل في تركيبة المجتمع.
  • انتشار جرائم الخطف والقتل والسرقة وطلب الفدية نتيجة وجود الطبقة الفقيرة في المجتمع والتي تحلل      الشروع لمثل هذه الأعمال.
  • من أهم الظواهر السلبية للفقر على المجتمع هو انتشار الجهل وغياب التعليم والوعي بين الأفراد لعدم

القدرة على تحمل تكاليف التعليم والاستمرار به.

  • نتيجة انهيار البُنية التحتية للمجتمع، تقل الوظائف والقطاعات التي تكون بحاجة ليد عاملة مما يزيد من

نسبة البطالة في المجتمع والحاجة إلى أصحاب النفوذ وازدياد نسبة الرشوة والفساد لتأمين عمل.

 

 الفقر والتنمية المستدامة:

إن القضاء على الفقر بجميع أشكاله هو من أولويات الأهداف السبعة عشر لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، حسب منظمة الأمم المتحدة. وذلك عن طريق التعاون الإنمائي المعزز ومساعدة البلدان الأقل نمواً. وعندما يتم احتواء مشكلة الفقر سوف يتم تلقائياً حل ظاهرة التشرد الناجم عن الفقر.

بشكلٍ عام، يسعى الإنسان لتحسين نوعية الحياة التي يعيشها ضمن الإمكانيات المتاحة له. أيضاً يسعى الشخص الفقير إلى التخلص من حياة الفقر التي يحياها أو التقليل من حد الفقر، وأن يعيش هو نفسه أو مع أسرته ضمن أدنى المقومات للحياة. لحل هذه الأزمة العالمية يجب أن يتم التعاون بين الفرد والمجتمع والبلد والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني للقضاء على هذه الظاهرة المنتشرة جداً والحد من انتشارها.

بعض العوامل المساعدة للقضاء على الفقر والتشرد:

  • العمل على تحسين البنية التحتية للبلد الذي يعاني كثيراً من الفقر وتفعيل الأنظمة والقوانين وتطبيقها في المجتمع وعلى كافة الأفراد بدون استثناء وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للبلدان.
  • العمل على تحسين الواقع التعليمي والارتقاء به وبالمستوى الثقافي لأفراد المجتمع و نشر الوعي فيما بينهم.
  • التفكير ببناء مشروعات اقتصادية تحتاج إلى اليد العاملة مما يتيح فرص عمل كثيرة.
  • الحث على تفعيل القيم الأخلاقية ضمن الأفراد وفي المجتمع من المساعدة والتكافل وغيرها من القيم.
  • مساعدة الطبقات الغنية للطبقات الفقيرة بالمال واللباس والطعام والعناية والاهتمام.
  • أهمية وجود مشاريع التعلم المستمر ومنح القروض المالية للمشاريع الصغيرة لتمويلها ودعمها.
  • تأمين جمعيات سكنية أو مخيمات للإيواء.
  • تغيير نظرة المجتمع تجاه هذه الفئة من الناس والتعامل معهم بإنسانية.

 

أخيراً، لا توجد مشكلة إلا ولها حل. قد يكون الحل إما سريعاً أو يتطلب وقتاً من الزمن حتى تتم مواجهة الأزمة وحلها بالأساليب الصحيحة من خلال وضع سياسات مناسبة تساعد على الحد من انتشار الظاهرة. الفقر والتشرد من الظواهر التي تحتاج فترة زمنية طويلة  ومستمرة لعلاجها ثم الارتقاء بالمجتمع والأفراد نحو الأفضل.

المراجع:

منظمة الأمم المتحدة. 

البنك الدولي.