تُعد عملية التطويل من العمليات التي شكلت حلاً شائعاً لدى قصار القامة، وانتشرت في الآونة الأخيرة بشكلٍ ملحوظ كغرضٍ تجميلي لمن يعانون من هذه المشكلة وهي تقنية قديمة حديثة استُخدمت سابقاً لأغراض علاجية بحتة أما اليوم فقد باتت تقنية تجميلية  وعلاجية، فما هي عملية التطويل؟ وما هي أهم النقاط المترتبة عليها؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.

 

عملية تطويل الساق

_ما هي عملية التطويل؟

 

هي عملية جراحية عظمية تستخدم لتطويل الأطراف إما اليدين أو القدمين وغالباً ما يتم تطويل  عظام الساق،  وفي حالات أخرى يتم  تطويل عظم الفخذ عوضاً عن الساق وهو ما يقرره الطبيب تِبعاً لحالة المريض، إذ ينقسم الأشخاص الذين يخضعون لهذه العملية إلى فئتين،

الفئة الأولى:

هم الأشخاص الذين يخضعون للعملية لاكتساب بعض السنتيمترات تِبعاً  لأغراض تجميلية كما ذكرنا سابقاً إلا أن هناك معايير يعتمدها الأطباء تُطبق على الأشخاص الراغبين بإجرائهاحيث يُفضَّل توافر العوامل  الآتية بهم:

_مواجهة صعوبات وعقبات متعدّدة أثناء القيام بالنشاطات اليوميّة الاعتياديّة، مثل: قيادة السيارة أو الدراجة وغيرها.

_عدم القدرة على الانخراط في وظائف قد تؤمّن له مصدر دخل جيد بسبب التقزُّم.

_أن يقع ضمن فئة الخمسة بالمائة (5%) ضمن منحنى بيل وأن لا يُعاني من أي تشوُّهات أو اختلالات في مستويات الهرمونات أو في الهيكل العظمي، خصوصًا أُولئك الذين يرغبون بالخضوع لتطويل العظام لأغراضٍ جماليّة. التعرُّض لأزمة نفسيّة بسبب قِصَر القامة، مُثبَتة في تقرير طبّي من اختصاصي في الطب النفسي.

ولا يقوم الأطباء بإجراء عملية التطويل لمن هم دون سن البلوغ وهو 16 للذكر _15 للأنثى ( حتى يتم التأكد من تصلب غضاريف النمو).

 الفئة الثانية:

هم الأشخاص الذين يخضعون لعملية التطويل تبعاً لأسباب علاجية مثل:

_الأشخاص المصابين بالتقزم الذين لم يحققوا استفادة من علاج الهرمونات.

_ المشاكل المكتسبة الناتجة عن حادث عَرَضي أو خلع ولادة طرفي أو الكسر الذي يتسبب بقصر في أحد الأطراف.

_ الأمراض الناتجة عن تشوهات خُلقية منذ الولادة المؤدية لقصر أحد الأطراف والتي لا يمكن علاجها إلا من خلال عمليات تطويل العظام.

وفي هذه الحالات جميعها لا يتم أخذ العمر بعين الاعتبار  فالأطفال الذين يعانون من قصر في أحد الأطراف  وعلى المدى الطويل فإن لذلك تأثيراً سلبياً على العمود الفقري وينتهي بالجنف في حالات متقدمة (أي عندما يكون فرق الطول كبيراً بين الطرفين وغير قابل للتلافي بواسطة الأحذية الطبية ) وهنا يتحتم على المريض إجراء هذه العملية.

بالتوازي مع تطور العلوم الطبية والتقنيات العلاجية فقد اعتمد الأطباء على تقنيتين لإجراء هذه العملية واكتساب الطول إحداها عن طريق  المسمار النخاعي وهي متاحة بالسعودية من بين الدول العربية والتقنية الأخرى بواسطة جهاز اليزاوروف والتي نحن بصددها في هذا المقال

 

جهاز اليزاروف_ المسمار النخاعي

 

كيف تتم هذه العملية؟

 

كجميع العمليات الجراحية يخضع المريض قبل العملية  لفحوصات عامة( فحوصات سريريّة لمعاينة حالة المريض. صور إشعاعيّة لتقييم حالة العظام. فحوصات الدم ) وعند التأكد من حالته الصحية وسلامته وإمكانية خضوعه لهذه العملية يُدخل به لغرفة العمليات حيث تكون مدة العملية من ساعتين وحتى الثلاث ساعات وسطياً للطرف الواحد.

– يتم تخدير المريض تخديراً عاماً ثم يبدأ الطبيب بالعملية.

– يقوم الجراح بإدحاث قطع عرضي في العظم المراد تطويله.

-يتم إدخال مثبت داخلي داخل العظم بشكل طولي ويبقى داخل العظم طوال مدة التطويل والاستشفاء.

ويتم تثبيت العظم بعدة مثبتات داخلية(أسلاك معدنية) تتصل مع مثبتات خارجة (حلقات) وتكون في الأغلب أربع حلقات إحداها أسفل  الركبة والثانية أعلى مفصل الكاحل و حلقتان أعلى وأسفل الكسر المحدث في العظم (في حالات أخرى قد يحتاج الطبيب لاستخدام خمس حلقات حيث يتم تثبيت مفصلي الركبة والكاحل وذلك لضمان عدم حدوث خلع بهما نتيجة ثقل الجهاز  أو التطويل ويتم ذلك عندما يكون المريض صغيراً في السن )

– المثبتات الداخلية تخترق العظم بشكل متصالب (X) ويبقى جزء منها خارج الساق ليتصل مع المثبتات الخارجية بواسطة براغي.

 

أسلاك كيرشنز

 

تتم عملية التطويل من خلال تدوير هذه البراغي ورصِّها دورة واحدة كل يوم بحيث تُطول( 1ml ) ولا يسمح بأكثر من ذلك في اليوم الواحد وذلك مراعاةً للأنسجة والأعصاب والخلايا وبهذا يستطيع المريض تطويل (3cm) كل شهر ولا تبدأ إجراءات التطويل إلابعد عشرة أيام من العملية، حتى يتثنى للجسم الراحة والاعتياد على جهاز التطويل إذ يشعر المريض بالآلام في الأيام الأولى بعد العملية ويتم التغلب عليها بواسطة مسكنات وأدوية توصف من قِبل الطبيب المختص إذ تعود هذه الآلام كون الجسم والكريات البيضاء في حالة دفاع ضد هذه الأجسام الغريبة التي اخترقت العظام والأنسجةوغالباً ما يشعر المريض بالحرارة والسخونة في الساق مكان العملية.

إن فترة التعافي بعد العملية تختلف من مريض لآخر بحسب مقدار الزيادة في الطول إلا أنه غالباً ما يتطلب 36 يوماً لكل (1cm).

ما إن يكتمل الشفاء ويتماسك العظم حتى تُجرى عملية ثانية لإزالة الجهاز، بعد أن يكون قد أدى الغرض منه في إطالة الطرف، وقد يتطلب الأمر ـ في بعض الحالات ـ إجراء جراحة إضافية لإطالة (وتر أخيلس) حتى يتواءم مع الطول الجديد للساق.

 

جهاز اليزاروف

– ما هي الأخطار المترتبة على عملية التطويل؟

 

لا بد أن تعلم أن عملية التطويل كغيرها من الجراحات العظمية وهي عملية مؤلمة وطويلة وتحتاج إلى الوقت والجهد والألم وتمتلك العديد من الآثار الجانبية المحتملة والمضاعفات مثل إلتهاب مكان دخول الأسياخ أو إلتهاب العظام، تقلصات العضلات، خلل في المفصل، ولهذا يلجأ الأطباء لتثبيته أحياناً، إصابة الأعصاب أو إصابة الأوعية الدموية، تأخر الاندماج أو عدم اتحاد العظام.

إليك بعض أكثر التأثيرات الجانبية الشائعة

 

-الألم: 

يعد الألم من أبرز مضاعفات عملية التطويل فمع انتشار إجراء هذه العملية لأسباب تجميلية لابدَّ من التنويه والتوضيح إلى أن الألم مصاحب لمثل هذا النوع من العمليات وبالتالي يجب أن يكون هناك توضيح شامل ودقيق لدرجة الألم ولمدى استمراره والآليات التي يتم إجرائها للحد قدر الإمكان من هذه الآلام هناك نوع آخر من الألم يبدأ في الظهور عندما يصل المريض إلى قدر معين من إطالة العظام. هذا النوع من الألم ناتج عن تمدد الأعصاب. لتقليل الألم في الساقين، يجب تدريب عضلات الساقين لتكييفها مع الطول الجديد للعظام.وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال جلسات العلاج الطبيعي وتمارين الإطالة. إذا لم يتم ذلك، فسيظل الألم والقيود مفروضة على الحركة.

 

الإلتهاب

أحد أهم المخاطر لمثل هذا النوع من العمليات والتي قلت بشكل كبير إلا أنها لازالت واردة هو الإلتهاب العميق الذي قد يحدث في الأنسجة الرخوية أوحتى في العظام ويعود سببه للتقنيات القديمة المستخدمة أو الإلتهابات التي قد تحدث  في حال عدم الإلتزام بالقدر الكافي لتعليمات الطبيب  حيث يؤدي عدم تنظيف مكان العلمية بشكل دوري والأهتمام به الى إلتهابات  في أماكن الجروح ومن ثم قد تطال الأنسجة ومن ثم العظام وهو أمر  خطير إذ يودي بالمريض إلى مشاكل أخرى ففي حال لم تتم معالجة الأمر بسرعة فقد يضطر الأطباء لقص العظم المصاب بالإلتهاب فيتنهي به الحال لقصر في العظم عوضاً عن تطويله.

 

عدم تصلب العظام 

قد يتأخر تصلب العظام لدى بعض الأشخاص ويعود ذلك لأسباب فيزيولوجية تتعلق بجسم المريض ذاته وتتم معالجة هذه المشكلة من خلال( البلازما أو الخلايا الجذعية) إذ يتم أخذ خلايا جذعية من أنسجة ودهون البطن على سبيل المثال وحقنها في المنطقة التي لا يتم فيها التصلب هذه الخلايا تُطور عوامل النمو الموجودة في المنطقة وتقوم بإجراء ترميم للمفاصل والغضارف المفصلية وتتحول لخلايا عظمية صلبة وتساعد في تسرع وتصلب العظام.

 

الأخطاء الطبية 

هناك مضاعفات قد يتسبب بها الطبيب المختص في حال لم يكن ذو خبرة كافية في مجال عمليات التطويل مثل عدم شد البراغي أو عدم تثبيت الجهاز بطريقة محكمة مما قد يتسبب بحركة الأسلاك المعدنية داخل العظام حركات صغيرة إذ أن حركتها بضعة مليمترات قد تتسبب بكسور صغيرة في العظام وبالتالي انزياحات في  النمو وتغيير في اتجاه ومنحى تصلب  العظم  وبنائه وهذا ما سيدفع بالمريض لعمليات وجراحات عظمية أخرى لإصلاح هذه المشاكل.

 

نهايةً.. لابدَّ أن تعلم أنه حتى مع انتشار عملية التطويل بشكل واسع والتقدُّم الكبير في العلوم والتقنيات الطبية، إلا أنها لا تزال عملية حساسة وطويلة وتحتاج الصبر الطويل والكثير من الإلتزام والدقة، فإن كنت ممن يريدون إجراء هذه العملية  فلابدَّ أن تختار طبيبك بعناية وأن تضع نفسك بين أيدي طاقم طبي متمكن، لأن خطأً واحداً قد يكلفك الكثير.. وقد لا تعود بعده كما كنت قبله.