الذكاء العاطفي لدى الأطفال قدرة حيوية آخذة في النمو في مختلف مراحل العمر الزمني، وكلما تعلمها الأطفال مبكراً أتت بنتائجها المرجوة.

تعد فترة الطفولة المبكرة الفترة التكوينية من حياة الفرد التي تتبلور وتظهر ملامحها في مراحل حياته، لذا فهذه الفترة تعد من أهم فترات مراحل النمو التالية، حيث تعد خصائص نمو الطفل في هذه المرحلة بمثابة منبئات لشخصية الطفل، وتطور مسار نموها وهي الأساس الذي ترسى عليه دعائم الشخصية ،لأن ما يحدث فيها من نمو يصعب تغييره وتعديله فيما بعد.

 

ما هو الذكاء العاطفي:

يعد عملية إبحار فيما تخبأه النفس البشرية في أطار التفكير المنفتح على الأخر بشيء من الحلم والرؤية حيث أن له تأثير في نجاح النسان وتموه وتطوره فقد تعددت تعريفات الذكاء العاطفي بتعدد الباحثين فيه، سوف يتم الاشارة في السطور القليلة القادمة الى بعض هذه التعريفات:

فيعرف كل من جولمان الذكاء العاطفي على أنه قدرتنا على التعرف على مشاعرنا ومشاعر الآخرين وعلى تحفيز ذواتنا وعلى إدارة انفعالاتنا وعلاقتنا بالآخرين بشكل فعال (Golcman )  أي تنظيم حياته العاطفية مع الذكاء الفكري من خلال مهارات وعي النفس وضبطها.

ويشير (سالوفي وماير) الى أنه أساس أنه يمثل مجموعة من عناصر الذكاء الاجتماعي تتضمن القدرة على قيام الفرد بالتحكم في عواطفه أو أحاسيسه خو والاخرين والتمييز بينهما.

بالتالي هو أسلوب في التفكير الإيجابي لمعرفة حالة الطفل العاطفية الذاتية من خلال تعزيز وعيه بالميكانيزمات العقلية المنظمة للسلوك والمتحكمة فيه وتطوير القدرة على اكتساب مهارات التحليل المنطقي وتدبير عواطفه نحو الأحاسيس وتحديد طبيعتها.

 

 

 

الذكاء العاطفي

 

أهمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال:

يؤدي الذكاء العاطفي دوراً مهماً في توافق الطفل مع البيئة من حوله بما يساعده على النمو السوي منسجماً مع الحياة، هذا بالإضافة الى أن التدريب على مهاراته وأبعاده يمكن الطفل من تحسين ورفع كفاءته في التحصيل الدراسي، فالذكاء العاطفي يكسب الطفل القدرة على الحد من الانفعالات غير المضبوطة والتحكم في المشاعر وادارتها بالإضافة الى فهم مشاعر الاخرين وقراءتها على نحو صحيح وإدارة العلاقات الاجتماعية بصورة فعالة فانخفاضه يؤدي بلا شك الى الشعور السلبي كالخوف والقلق والاكتئاب والعدوانية وهذا بدوره يؤدي الى شخصية ذات عاطفة سلبية فلا يساعد صاحبها على الخوض في الحياة والتعامل معها على نحو إيجابي.

أما ارتفاعه لدى الأطفال فأنه يجلب له الشعور الإيجابي مثل التفاؤل وارتفاع الروح المعنوية والثقة بالنفس وكل هذا يجعل من ذلك الطفل محبوباً ومثابراً وقادراً على فهم مشاعره وتوظيفها بشكل إيجابي كما نجده متألقاً وقادراً على التواصل مصراً على النجاح في جميع مجالات الحياة.

مهارات الذكاء العاطفي:

لقد تعدد وتنوعت التصنيفات لأبعاد الذكاء العاطفي وذلك بتعدد العلماء الذين تناولوه بالبحث والدراسة وذلك طبقاً لطبيعة تفسيرهم وفهمهم له، ومن ثم فأن هناك خمسة أبعاد وهي كالتالي:

1ـ الوعي الذاتي: هو أساس الثقة بالنفس حيث لابد من معرفة أوجه القوة والضعف لمعرفة قدراتنا فالوعي بالنفس والتعرف على الشعور وقت حدوثه فهو الحجر الأساسي في الذكاء العاطفي.

2ـ معالجة الجوانب الوجدانية: هو معرفة الطفل كيف يتعامل مع المشاعر التي تسبب له ازعاج ومعالجتها والقدرة على التعبير الدقيق عن العواطف وتنظيم الانفعالات وتوليد أفكار جديدة تخدم الاخرين وتحقيق الانسجام والتفاهم في تحقيق التعاون بين الافراد.

3ـ الدافعية والتحفيز: هي القوة المحركة لسلوك الانسان والعملية التي تساند السلوك نحو هدف وغاية توجد لدى الأطفال للاستمرار والسعي وراء هذا الدافع وتحديد الاتجاهات الخاصة بالأطفال والتركيز على الدافع لإنجازه من خلال المثابرة وبذل الجهد لتحقيق مستوى معين من الامتياز نحو تحقيق الهدف.

4ـ التعاطف: هي قراءة أفكار ومشاعر الاخرين من خلال أصواتهم أو تعابير وجوههم وبذلك يكون التعاطف ذات سلوك تعاوني ومشاركة وجدانية في محبة الاخرين.

5ـ المهارات الاجتماعية: هي القدرة على التعرف على الاخرين في البيئة الاجتماعية من خلال سلوكيات وطرق مقبولة اجتماعياً حيث يتم التعامل مع المشاعر بشكل جيد من خلال التواصل والانتباه الى الإشارات العاطفية وفهم وجهات نظر الاخرين حيث تستخدم هذه المهارة للتأثير وقيادة ومناقشة وحل النزاعات بسلاسة.

الأساس لبيولوجي للذكاء العاطفي:

بالرغم من أن الذكاء العاطفي هو القدرة على التعرف على المشاعر وطريقة توجيهها والتحكم فيها بطريقة فعالة، يعتبر الأساس البيولوجي للذكاء العاطفي هو نظام الدماغ الذي يتحكم في المشاعر والانفعالات، يتضمن هذا النظام مناطق مختلفة من الدماغ مثل المنطقة المسؤولة عن التحكم في المشاعر (الأميغدالا) والجزء المسؤول عن التحكم في الانفعالات

(القشرة الأمامية) كذلك هناك تفاعلات كيميائية مختلفة تحدث في جسم الانسان عند تفجير المشاعر مثل إطلاق هرمونات مختلفة مثل الأدرينالين والأوكسيتوسين والكورتيزول يمكن أن تؤثر على مستوى الذكاء العاطفي عند الأفراد وكل هذه التغيرات تؤثر على سلوك وصحة الانسان.

ومن المعروف أن الوراثة تلعب دوراً في تحديد مستوى الذكاء العاطفي لدى الأطفال حيث يمكن أن يرث الأطفال بعض الصفات المرتبطة بالذكاء العاطفي من آبائهم وأجدادهم.

كيف يكون الذكاء العاطفي نظرة جديدة بين الذكاء والعاطفة؟

يعتبر الذكاء العاطفي مهارة مهمة في الحياة اليومية حيث يساعد الأفراد بشكل عام على التعامل مع الآخرين بشكل صحيح وبناء علاقات إيجابية ويساعد أيضاً في تحسين الصحة النفسية والعاطفية للأفراد وتطوير مهارات التحليل والتفكير المنطقي وزيادة قدرات التحمل والصبر كما يساهم في تحسين جودة الحياة بشكل عام.

بالتالي فانه يمثل نظرة جديدة بين الذكاء والعاطفة حيث يجمع بين قدرة الفرد على التفكير الذكي والتحليلي مع قدرته على التعامل مع المشاعر والتحكم فيها بشكل صحيح حيث يمكن اعتباره مكمل للذكاء العقلي في تحقيق النجاح والسعادة في الحياة من خلال تحسين نوعية علاقاتنا مع أنفسنا ومجتمعاتنا.

دور الروضة في انماء الذكاء العاطفي لدى الأطفال

دور الروضة في تنمية الذكاء العاطفي لدى الاطفال

تنمية الذكاء العاطفي

الروضة تعد من أهم العناصر التي لها تأثير ذو فاعلية على الطفل لما تملكه من قدرة على تشكيل سلوك الطفل وتنشئته تنشئة اجتماعية من خلال جماعات متعددة تهتم بالطفل وتعمل على بناء شخصية الطفل وتطوير قدراته المعرفية والاجتماعية والجسمية فالروضة تلعب دوراً مهماً في اظهار وتنمية ذكائه وخزينته المعرفية اللغوية وتنمي الانتباه الذي بدوره ينمي التعلم والتذكر كذلك تساعد الأطفال على تسمية مشاعرهم واحترامها وتدريب الطفل على اتخاذ القرارات من خلال المشاركة في وضع بعض الاستراتيجيات والقواعد كما تساهم في تحديد مستوى نموه الاجتماعي والعقلي ففي هذه المرحلة من عمر الطفل ينشأ لديه حب الاستطلاع ويدخل في جو من المنافسة فيحتك بأقرانه وبالبالغين من حوله بحيث يشارك الاخرين في كثير من الأنشطة الأمر الذي يتطلب منه تطوير العديد من المهارات الاجتماعية والانفعالية بالاعتماد على ذاته وبالاعتماد على الاخرين

5 طرق لتنمية الذكاء العاطفي لدى الأطفال

يرغب الكثير من الناس في تنمية الذكاء العاطفي لدى أطفالهم ويتساءلوا عن أهم الطرق التي تنمي ذكائهم العاطفي

1ـ التحدث مع الطفل بطريقة ايجابية وتشجيعه على التعبير عن مشاعره لأن الطفل يولد كامل المشاعر ناقص التجارب.

2ـ نشر الحب والأمان والاطمئنان في البيئة المحيطة بالطفل ونشر المرح والبهجة والابتعاد الغضب والحزن وكل المشاعر السلبية قدر المستطاع وإيجاد حلول للتخفيف من تأثيرها.

3ـ تشجيع الطفل على الاستماع لمشاعره وتحديد احتياجاته والتفاعل معها بطريقة إيجابية وذلك بالتعامل مع المواقف الصعبة بطريقة صحيحة.

4ـ الحوار هو أهم ما يزيد الذكاء العاطفي لدى الطفل فينصح بتعزيز ثقته بنفسه وتشجيعه على تحمل المسؤولية بثقة وإيجابية والابتعاد عن الأساليب التي تكون مليئة بالإجبار والقمع.

5ـ تشجيع الطفل على تطوير مهارات الاتصال والتواصل الفعال مع الاخرين وتعليمه كيفية التعبير عن نفسه بوضوح وصراحة وتحفيزه على التركيز على الجوانب الإيجابية والتفكير الإيجابي السليم في المواقف والأشخاص.

ختاماً تعد مرحلة الطفولة من المراحل المهمة التي يمر بها الطفل ففي هذه المرحلة تتحدد السمات الرئيسية في شخصيته حيث يكتسب الطفل في هذه المرحلة العمرية العديد من المهارات والخبرات التي تكون حجر الزاوية في حياته المستقبلية فأن الذكاء العاطفي جزء لا يتجزأ من شخصية الانسان وله دور كبير في أساسيات التربية.

المصادر:

Coleman, D.working with emotional intelligence: New York Bantam P.3.

كيف تقوي الذكاء العاطفي لدى طفلك

منشور في gottman.com