ارتفاع ضغط الدم من الأمراض المزمنة الخطيرة التي زاد انتشارها في العقود الأخيرة، ويرجع ذلك إلى نمط الحياة السيئ وانتشار عوامل الخطر بين الناس، وهو سبب رئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم، حيث أن 1 من كل 4 رجال مصابٌ به قد تكون أنت أحدهم.

سنتعرف في هذا المقال عن أسباب وأعراض واختلاطات هذا المرض، كما سنتعرف على طريقة تشخيصه وعلاجه وكيف نقي أنفسنا من الإصابة به.

 

تعريف مرض ارتفاع الضغط:

ينشأ ضغط الدم من قوة دفع الدم على جدران الأوعية الدموية، حيث تسمح هذه القوة بانتشار الدم في كافة أنحاء الجسم وإمداده بالأكسجين والعناصر الغذائية. يدعى الضغط أثناء انقباض القلب بالضغط الانقباضي Systolic pressure وأثناء الانبساط بالضغط الانبساطي Diastolic pressure. ضغط الدم الطبيعي يتراوح بين 120 ملم زئبق للانقباضي و80 ملم زئبق للانبساطي.

ارتفاع ضغط الدم يدعى أيضاً فرط الضغط الشرياني. وهو حالة مرضية مزمنة يتجاوز فيها ضغط الدم قيمه الطبيعية، تنشأ عندما يضخ القلب الدم بقوة أكبر أو عندما تضيق الشرينات مما يسبب زيادة المقاومة لجريان الدم وهذا يؤدي لنشوء ضغط مستمر على جدران الشرايين على مدى طويل. كل ما كان ضغط الدم أعلى كلما كان ضخ الدم مجهداً أكثر للقلب وكانت الأوعية الدموية تحت ضغط أكثر.

معظم الأشخاص المصابين به لا يعانون من أعراض ومن هنا جاءت تسميته بالقاتل الصامت.

أسباب ارتفاع ضغط الدم:

هناك نوعان لهذا المرض النوع الأول يدعى ضغط الدم الأولي وهذا يكون مجهول السبب، أما النوع الآخر يكون هناك سبب لارتفاع الضغط أي أن هناك مرض أولي نشأ عنه ارتفاع الضغط.

ضغط الدم الأولي:

تشكل نسبة المصابين بهذا المرض 95% من إجمالي المصابين بمرض ارتفاع الضغط.

لا تزال مسببات هذا المرض مجهولة، حيث يتطور بشكل تدريجي على مدى سنوات ويرتبط بعوامل خطر تزيد احتمالية الإصابة به:

  • العرق: حيث يشيع هذا المرض لدى الأشخاص ذوي الأصول الإفريقية، ويظهر لديهم في سن مبكرة عن السن التي يظهر فيها لدى البيض.
  • العمر: حيث تزداد خطورة الإصابة به مع تقدم العمر.
  • السمنة المفرطة: زيادة الوزن تسبب زيادة الحاجة للأكسجين والعناصر الغذائية، مما يسبب زيادة تدفق الدم عبر الأوعية الدموية، مما يسبب ارتفاع ضغط الدم.
  • الإكثار من تناول الملح (كلوريد الصوديوم): تناول نظام غذائي غني بالصوديوم يتسبب في احتفاظ الجسم بالسوائل، وهذا يرفع ضغط الدم.
  • التاريخ العائلي: يصيب هذا المرض العائلات التي يوجد فيها أفراد سبق وأن أصيبوا به.
  • قلة النشاط الجسدي: تزداد سرعة القلب لدى الأشحاص الخاملين، ومع ازدياد السرعة يجب على القلب بذل جهد أكبر مع كل انقباض، بالإضافة إلى أن قلة النشاط الجسدي تزيد خطر الإصابة بالسمنة.
  • التوتر: يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم بشكل مؤقت، بالإضافة إلى العادات المرتبطة بالتوتر من تدخين وشرب الكحول.
  • الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كالسكري.
  • التدخين: يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم بشكل مؤقت، كما يتسبب بتضيق الشرايين.
  • إدمان الكحول.
  •  الحمل.

ارتفاع ضغط الدم الثانوي:

هذا النوع سبق بمرض أولي هو سبب ارتفاع الضغط، ومن هذه الأمراض:

  • أمراض الكلى: فشل كلوي، تضيق أو انسداد الشريان الكلوي، أورام الكلى، والكلى المتعدد الكيسات.
  • ارتفاع ضغط الدم الرئوي.
  • أمراض الغدة الكظرية: متلازمة كوشينغ، ورم القواتم، وفرط الألدوستيرونية.
  • مشاكل الغدة الدرقية.
  • فرط نشاط الغدد جارات الدرقية.
  • انقطاع النفس النومي.
  • بعض العيوب الخلقية في القلب و لأوعية الدموية.
  • بعض الأدوية: حبوب منع الحمل، أدوية علاج الزكام، أدوية إزالة الاحتقان، وبعض مسكنات الألم.
  • عقاقير غير مشروعة: الكوكائين والأمفيتامينات.

أعراض ارتفاع ضغط الدم:

لا تظهر أعراض على أغلب الأشخاص المصابين، بالرغم من أنه قد يصل إلى مستويات عالية خطيرة.

ومن هذه الأعراض:

  • صداع نبضي خاصةً في الجهة الخلفية من الرأس.
  • دوار، دوخة.
  • احمرار الوجه
  • طنين أذن.
  • تشويش في الرؤية.
  • نزيف من الأنف بشكل كبير.
  • ضيق تنفس.
  • ألم في الصدر ونبض القلب غير منتظم.
  • خروج الدم مع البول.

ولا تظهر هذه الأعراض إلا عندما يصل ضغط الدم إلى مستويات مرتفعة و خطيرة جداً.

ارتفاع ضغط الدم

اختلاطات ارتفاع ضغط الدم:

اختلاطات ارتفاع ضغط الدم هي النتائج السريرية التي يسببها ارتفاع ضغط الدم لفترة طويلة. فهو يأثر على العديد من أعضاء الجسم.

الاختلاطات المؤثرة على القلب:

يحدث ارتفاع ضغط الدم تغيرات بنائية ووظيفية في القلب تؤدي إلى تضخم البطين الأيسر التي تزيد من مخاطر حدوث السكتة وقصور القلب وموت القلب المفاجئ. ويظهر هذا الاختلاط عند 25% من المرضى المصابين به.

كما يؤدي إلى حدوث قصور القلب الانبساطي وقصور القلب الاحتقاني، وكذلك تؤدي عيوب تدفق الدم إلى مرض القلب التاجي والتصلب العصيدي واضطراب النظم القلبي.

الاختلاطات المؤثرة على الأوعية:

يسبب ارتفاع ضغط الدم تلف الأوعية الدموية، وكلما ارتفعت أكثر وطالت مدة عدم السيطرة عليه زاد التلف.

فقد يسبب تصلب في الشرايين وزيادة سماكتها، وهذا يؤدي إلى نوبة قلبية أو سكتة دماغية.

كما يمكن أن يتسبب هذا المرض في ضعف الأوعية الدموية وانتفاخها، مسبباً حالة تدعى أم الدم، وتكمن خطورتها أنه من الممكن أن تتعرض لتمزق مما يؤدي إلى نزف صاعق مهدد للحياة.

الاختلاطات المؤثرة على الكلى:

المرض الكلوي قد يكون سبباً لارتفاع ضغط الدم وقد يكون نتيجة للأذية التي يحدثها ارتفاع الضغط في الأوعية الكلوية، ومن مشاكل الكلى الناتجة عنه:

  • تصلب الكبيبات: يحدث هذا المرض عندما تصبح الأوعية داخل الكلى متندبة وغير قادرة على القيام بوظيفتها، وقد يؤدي تصلب الكبيبات إلى الفشل الكلوي.
  • الفشل الكلوي: و يعد هذا المرض من أحد أكثر الأسباب شيوعاً المؤدية إلى الفشل الكلوي، ويؤدي هذا إلى تراكم مستويات خطرة من السوائل والفضلات وحدوث تبولن الدم Uremia.

الاختلاطات المؤثرة على الجملة العصبية:

يسبب هذا المرض حدوث صداعاً قفوياً أو صدغياً نابضاً و قد يمتد ليصبح شاملاً.

كما يعد هذا المرض أحد عوامل الخطر لاحتشاء الدماغ ونزفه، فحوالي 85% من السكتات الدماغية تؤدي إلى الاحتشاء والتي بدورها تسبب النزف، سواء النزف المخي أو النزف تحت العنكبوتية، كما يؤدي إلى اعتلال دماغي الذي يعتبر حالة خطيرة من نقص التروية الدماغية.

كما لوحظ أن هذا المرض يترافق بمعدل حدوث أعلى للخرف(الخرف الوعائي)، والذي يمكن أن يحدث بسبب السكتة الدماغية التي تمنع تدفق الدم إلى الدماغ.

الاختلاطات المؤثرة على العينين:

يسبب هذا المرض على المدى الطويل حدوث اعتلال الشبكية الذي ينجم عن تلف الأوعية الدموية في الشبكية، والذي يؤدي إلى تدهور القدرة البصرية أو إلى حدوث تشويش في الرؤية كما يمكن أن يسبب فقدان الرؤية بشكل كامل، تزيد الإصابة بداء السكري مع ارتفاع ضغط الدم من خطر اعتلال الشبكية.

كما يمكن أن يحدث اعتلال مشيمة نتيجة تراكم للسوائل تحت الشبكية، والذي يسبب رؤية مشوهة.

وقد تسبب إعاقة تدفق الدم إلى تلف العصب البصري (اعتلال العصب البصري)، مما يؤدي إلى حدوث فقدان بصر.

ارتفاع ضغط الدم

تشخيص ارتفاع ضغط الدم:

هناك عدة اختبارات تجرى لتشخيصه، نذكر منها:

  • تعداد دم كامل (CBC).
  • اختبار الكوليسترول (Lipid profile).
  • اختبار وظائف الكلية.
  • اختبار وظائف الدرق.
  • تخطيط كهربائية القلب (ECG).
  • اختبار الرينين والألدوستيرون.

كما يتم التشخيص بواسطة قياس ضغط الدم، حيث يقوم الطبيب بتسجيل قرائتين أو ثلاث لضغط الدم في كل زيارة وذلك خلال ثلاث زيارات متفرقة، وذلك لأن قراءة واحدة غير كافية للتشخيص، ويجب أن يحرص الطبيب على الالتزام بقواعد قياس ضغط الدم للحصول على نتيجة دقيقة.

ارتفاع ضغط الدم

علاج ارتفاع ضغط الدم و طرق الوقاية منه:

علاج ارتفاع ضغط الدم:

هناك العديد من الأدوية التي يمكن استخدامها:

  • مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitor).
  • حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (ARBs).
  • حاصرات بيتا (Beta blocker).
  • حاصرات ألفا (Alpha blocker).
  • حاصرات قنوات الكالسيوم (CCBs).
  • مدرات البول (Diuretic).

يجب التنويه إلى أن هذه الأدوية لا تأخذ إلا تحت إشراف طبي.

الوقاية من ارتفاع ضغط الدم:

تغير نمط الحياة يساعد بشكل فعال في خفض ضغط الدم خاصةً إذا تم تغيير عامل أو أكثر، من العوامل التي تفيد في الوقاية الأولية:

  • الحفاظ على وزن الجسم ضمن الحدود الطبيعية.
  • ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم.
  • اتباع نظام غذائي صحي متكامل.
  • الابتعاد عن التدخين وشرب الكحول.
  • عدم الإفراط في استخدام ملح الطعام.

يجب أيضاً أن نقوم بزيارات دورية للمراكز الطبية وفحص ضغط الدم بشكل دوري.

 

بناءً على ما سبق نلاحظ أهمية الفحوصات الدورية والتشخيص المبكر، حيث أن التشخيص المبكر يقي المريض من حدوث اختلاطات خطيرة مهددة للحياة، كما أنه يجب الالتزام بالتعليمات والأدوية الموصوفة من قبل الطبيب وتغير نمط الحياة السيئ للمحافظة على ضغط الدم ضمن حدوده الطبيعية.