تحتوي مدينة دمشق على أشهر الأماكن الأثرية. و هي أقدم عاصمة مأهولة في العالم وتعد من أهم المراكز الثقافية في الوطن العربي، تعاقبت عليها العديد من الحضارات عبر آلاف السنين. من أسمائها (الفيحاء) وتستمد أهميتها مركزاً تجارياً وموقعاً جغرافياً متميزاً. إضافة إلى أن أرضها الخصبة ووفرة مياهها جعلتها محط أنظار المستعمرين.
تشتهر بأماكنها المقدسة كالجوامع والكنائس وشوارعها وأحيائها التي تعكس لنا في كل جزء من أرضها ثقافة تعود لحضارات من عبق التاريخ. و هذا ما يجعل دمشق من أجمل الأماكن الأثرية للسياحة و لقضاء عطلة أجمل في هذه المدينة التاريخية المليئة بالحضارات العريقة. حيث تحتوي المدينة على أشهر الأماكن الأثرية التي يمكن للسياح التمتع بجمالها و إثراء معلوماتهم بالتعرف على تاريخها.
التكية السليمانية طراز عثماني على أراضي دمشقية
من أشهر الأماكن الأثرية في دمشق هي التكية السليماينة حيث تعود تسميتها إلى السلطان سليمان القانوني حيث أمر بتشييدها في عهد الحكم العثماني عام 1554م وصممت على يد المعمار سنان باشا بإشراف المهندس ملا آغا. استغرق بناؤها قرابة ال 6 أعوام. بنيت التكية مكان قصر الأبلق الذي تعود ملكيته للظاهر بيبرس.
عمارات التكية السليمانية من أهم الأماكن الأثرية في دمشق
- العمارة الكبرى(الغربية): وتتألف من مسجد ومدرسة.
- العمارة الصغرى(الشرقية): تتألف من حرم للصلاة وباحة واسعة تحيط بها أروقة وغرف تغطيها عدة قباب. ومن الجدير بالذكر أنها كانت ملجأ لعابري السبيل والفقراء، مأوى للحجاج والدراويش ومكاناً لإقامة المتصوفين.
تبلغ مساحة التكية الإجمالية حوالي 11 ألف متراً مربعاً وفي عام 1974 م تحولت إلى سوق للمهن اليدوية كصناعة البروكار، الزجاج، النحاسيات، الجلديات، الأزياء التقليدية المطرزة والكثير غيرها من المهن الدمشقية العريقة. يقال أن حجر الأبلق استخدم في بناء التكية وأن سليمان القانوني لم يرها بل أمر ببنائها فقط.
جامع بني أمية الكبير من روائع التراث الإسلامي أشهر الأماكن الأثرية في دمشق
من أشهر الأماكن الأثرية في دمشق حيث يتوسط الجامع الأموي مدينة دمشق القديمة ويعد رابع أشهر وأجمل المساجد الإسلامية بعد حرمي مكة والمدينة والمسجد الأقصى. شيده الوليد بن عبد الملك عام 705م وأكثر ما يميز الجامع هو سقفه المزين وجدرانه المليئة بالفسيفساء الملونة، كما أنه يعد أول مسجد ظهر فيه المحراب والحنية نتيجة طراز البناء الذي كان يشكل كنيسة يوحنا المعمدان سابقاً. أما مئذنته الشمالية، وهي أقدم مآذنه الثلاث، فتعود لعهد الوليد بن عبد الملك. كما استخدمت أيضاً منارةً لمدينة دمشق، وكانت ستعمل خلال القرون الوسطى للمنقطين للتأمل والصلاة، ومنها انتشر نموذج المئذنة المربعة إلى سائر أنحاء سوريا وشمال إفريقيا والأندلس.
يضم الجامع:
- مدفن جسد يوحنا المعمدان (النبي يحيى)
- مقام رأس سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه
- ألحق بمقبرة تضم رفات صلاح الدين الأيوبي
يحتوي المسجد على ثلاثة مآذن وهي:
- مئذنة النبي عيسى
- مئذنة قايتباي
- ومئذنة العروس (المئذنة البيضاء) التي تعتبر أول مئذنة بنيت في العصر الإسلامي
تعرض الجامع الأموي لعدة حوادث احتراق حيث كانت الأولى عام 1069 والثانية على يد تيمور لنك عام 1400م أما الثالثة فكانت عام 1893م كما شهد آخر عمليات الترميم في العصر الحديث عام 1994م.
قصر العظم من قصر الوالي إلى متحف للتقاليد الشعبية … أجمل الأماكن الأثرية في دمشق
من روائع القصور الدمشقية و يعتبر مكانا أثؤياً هام في دمشث كونه المقر الخاص لسكن الوالي قديماً. أمر ببنائه والي دمشق في العهد العثماني “أسعد باشا العظم” عام 1749م كمقر سكن خاص له، واستغرق بناؤه حوالي الثلاث سنوات. يقع في النهاية الشمالية لسوق البزورية بدمشق القديمة محاطاً بالجامع الأموي من الشمال والشارع المستقيم من الجنوب.
وقد اختار الوالي هذا الموقع تحديداً ليظهر مكانته وقوته السياسية والاجتماعية.
يقسم القصر إلى ثلاثة أجنحة رئيسية وهي:
- جناح العائلة أو النساء(الحرملك)
- جناح الضيوف(السلاملك)
- جناح الخدم(الخدملك): والذي يتكون من الحمام والاصطبل
تحول قصر العظم في العصر الحديث إلى متحف للحرف اليدوية والتقاليد الشعبية حيث يحتوي جناح الضيوف على الصناعات اليدوية (كصناعة الأزياء والتطريز والنحاس) أما قسم الحرملك فيحتوي على التقاليد الشعبية (كقاعة العروس والحماية).
ويعد هذا القصر نموذجاً عريقاً ودليلا على روعة فن العمارة الإسلامية لما يحتويه من زخارف الخط العربي والآيات القرآنية والنصوص الفلسفية. ونجد أن السياح يتقادمون إليه من كل حدب وصوب ليتعرفوا على هذا القصر الجميل الذي يعتبر من أبرز المعالم الأثرية الدمشقية.
خان أسعد باشا مزيج حضاري ومعلم أثري مميز
يعد خان أسعد باشا واحدا من معالم الجذب الأساسية في مدينة دمشق، يقع وسط أحد أعرق الأسواق الدمشقية والعالم (سوق البزورية). وكلمة (خان) مشتقة من اللغة الفارسية وتعني المبيت. حيث جعل منه موقعه الاستراتيجي على طريق الحرير مكاناً لتبادل البضائع واستراحة النجار.
يتألف الخان من طابقين:
- الطابق العلوي: يتألف من 44 غرفة وجناح للخدمات جميعها مغطاة بقباب
- الطابق السفلي: يحتوي على 21 مخزن مزوداً بمستودعات
بناه الوالي العثماني أسعد باشا عام 1752م وتبلغ مساحته 2500م2 وكان فيما مضى مركزاً تجارياً هاماً حيث استضاف الكثير من القوافل التجارية من جميع أنحاء العالم، إلا أنه تحول في الوقت الحالي إلى مكان لاستضافة السياح.
وشهد الخان الكثير من الحوادث التي أفقدته جزءاً وفيراً من جماله حيث تعرضت دمشق عام 1759م لزلزال مدمر أدى إلى هدم عدة قباب وبعد فترة وجيزة تعرض لحريق أفقده أهم الوثائق والمعلومات التاريخية عنه.
ونستطيع أن نلاحظ من طريقة بناء الخان أن مصمموه قد تأثروا بالحضارات التي مرت على دمشق، فالباب الرئيسي هو مزيج من المقرنصات الأيوبية كما أن الأعمدة المزخرفة تعود للفترة اليونانية أما حجر الأبلق (الأبيض والأسود) فيعبر عن الحضارة الإسلامية. وهكذا نجد بأن خان أسعد باشا أحد أعظم خانات الشرق الباقية حتى الآن.
الكنيسة المريمية إحدى أقدم الكنائس الأثرية في دمشق
يغلب على الكنيسة المريمية الطابع البيزنطي وسميت نسبة لاسم السيدة مريم العذراء وهي إحدى أقدم كنائس مدينة دمشق. تعد مقر البطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذوكس كما تعتبر أكبر كنيسة في الشرق وتقع على يسار الطريق المستقيم المؤدي إلى باب شرقي.و تعتبر من أكثر الأماكن الأثرية جذباً للسياح.
تقسم الكنيسة إلى العديد من الأقسام منها:
- كنيسة السيدة مريم وهي الكنيسة المريمية
- كنيسة مار تقلا
- كنيسة القديسة كاترينا
- كنيسة القديس نيقولاس
يعود تاريخ بنائها إلى بداية انتشار المسيحية في دمشق حيث بناها المريميون في القرون الأولى لتأدية شعائرهم الدينية سراً في الأقبية خوفاً من طغاة الحكم الوثني الروماني. وفي عام 706م قام الخليفة الأموي بن عبد الملك بإعادتها للأرثوذوكس مقابل أخذه لكاتدرائية يوحنا المعمدان التي حولها فيما بعد إلى الجامع الأموي.
سوق الحميدية من معبد جوبيتر إلى أكبر سوق في الشرق الأوسط
“مدينة تجارية صناعية في قلب دمشق القيمة وفسيح رائع البناء”،هكذا وصفها المؤرخون.
أنشئ السوق فوق الخندق الجنوبي لقلعة دمشق و بني على مرحلتين تاريخيتين: الأولى كانت عام 1780م في عهد السلطان عبد الحميد و الثانية عام 1884م في عهد السلطان عبد الحميد الثاني.
ما يميز السوق هو سقفه المعدني المصنوع بطريقة فنية تجعل نور الشمس يدخل عبر ثقوبه كما أنه يعمل على حماية تحيط بالسوق العديد من الأوابد التاريخية، فعلى يمينها تقع قلعة دمشق وعلى يسارها تقع المكتبة الظاهرية التي بناها الظاهر بيبرس أثناء حكمه لدمشق.
ويحتوي السوق على العديد من الأسواق التي تضم عدداً لا متناهياً من الصناعات والحرف العريقة (كالأقمشة والألبسة العربية الإسلامية والكثير غيرها).
فروع سوق الحميدية من أبرز الأماكن الأثرية في دمشق
- سوق البزورية المشهور ببيع الأعشاب والمستحضرات الطبيعية
- سوق الخياطين
- سوق الحرير
- سوق الحريقة يتوافر بها كافة بضائع الألبسة والأقمشة
- سوق الصاغة الذي تباع فيه الحلي من الذهب والفضة
- سواق العرائس المختص ببيع فساتين العرس والسهرات
- سوق المسكية الذي يوفر بكل أساسي الكتب والمصاحف والتفسيرات القرآنية والكثير غيرها من الأسواق المتنوعة
كما أن سوق الحميدية يشتهر بالبوظة الدمشقية المعروفة على مستوى الوطن العربي بمذاقها اللذيذ وصناعتها المميزة منذ أكثر من مئة عام. كل هذه التنوع في الأسواق والبضائع المختلفة الألوان والأشكال جعلته السوق الأكثر تميزاً وجمالاً وملتقى السائحين من جميع دول العالم.
و أخيراً، إذا ما زرت دمشق يوماً، تذكر دوماً أن تطأ قدمك هذه الأماكن الجميلة كي لا تفوت عليك فرصة ذهبية في التعرف على حضارات مرت على هذه المدينة الأصيلة. فالتكية السليمانية، قصر العظم وخان أسعد باشا ستعكس لك الحضارة العثمانية التي تركت على هذه الأراضي الدمشقية.
أما الجامع الأموي فسيريك حضارة عربية إسلامية مليئة بالفن العظيم. والكنيسة المريمية ستأخذك بجمالها إلى أوائل سنوات العصر الحالي إضافة إلى أن سوق الحميدية سيطلعك على شتى أنواع الصناعات الحريرية والخشبية والألبسة التقليدية والكثير غيرها من الفنون العريقة التي لا يمر سائح منها دون أن يلتقط صورة تذكارية أو أن يقتني تذكاراً ليبقى معه دليلا شاهداً على جمال وأصالة دمشق الياسمين.
التعليقات 0
اضف تعليق