من منا لم يقل لنفسه هذا الحوار من قبل؟ سوف أقرأ هذا الكتاب عندما يكون لدي وقت، سوف أتعلم لغة جديدة عندما أجد المعلم المناسب، سوف أتناول الطعام الصحي عندما أشترك بنادي الجيم، كل هذه الأمثلة من التسويف وغيرها الكثير التي يعاني منها أغلبنا بشكل يومي هذا الذي يجعلنا نؤجل مهام حتميّة يجب القيام بها في وقت محدد الى انجازها قبل يوم أو ساعات قليلة فتكون النتيجة سيئة لأنك لم تؤدي أفضل أداء تحت الضغط، لماذا نسوّف؟ هل التسويف مرض؟سنستعرض معاً في هذا المقال مفهوم التسويف، وأسبابه،وبعض النصائح المهمة حول كيفية تجنبه.

تعريف التسويف

التسويف أو المماطلة procrastination هو تأجيل الأمور التي يجب القيام بها أو المهام الضرورية لوقت غير معروف حسب ماتسمح الظروف أي تأجيل المهام التي يجب القيام بها حتى اللحظة الأخيرة وعادة لاتكون النتائج مرضية عن العمل تحت الظغط، فهو عكس ضبط النفس تماماً. ولا ينطبق فقط على المهام الدراسية أو العمل فحسب بل ممكن أن يشمل الأعمال اليومية والاتصالات الهاتفية المرهقة أو التأجيل في المواعيد.

أسباب التسويف

أسباب التسويف

  • الرغبة بالإشباع الفوري:

هي رغبة الإنسان في الحصول على عائد فوري مستحب للعمل الذي يعمله.العائد هو  أي حاجة يحبها الأنسان سواء لايك على مواقع التواصل أو الحصول على طعامه المفضل أو شعور بالإنجاز أو عائد مالي مثلاً. فهذا العائد يمثل حافر للفعل نفسه، كل ما كان العمل خالي من عائد مستحب سريع كل ما كانت الفرصة أن تـسوّف وتأجل أكبر. فالإنسان بطبيعته يميل إلى النتائج قصيرة المدى، والتي بدورها تحفزه على إكمال المهمة، أما تلك بعيدة المدى فإنه يلجأ إلى المماطلة والتسويف مثل العمل على مشروع تجاري كبير فإن عائده ليس فوري بل بالمستقبل وعلى الرغم من أهميته فهو عرضة للتسويف.

  • تجنب الألم

الألم هو الشعور بالخوف من عدم أنجاز العمل بالوقت المحدد مثلاً، أو أنك لاتملك المهارة الكافية لأداء المهمّة، أو عدم توفر المعلومات اللازمة، أو الخوف من العمل يكون فيه ثغرات أو خوفاً من الفشل. مثل للأشخاص الذين يبحثون عن الكمال كل هذه الأفكار تدعونا للتسويف لتجنب النتائج. كالإمتناع عن كتابة بحث، أو عدم أخذ قرص بنكي لبدء مشروعك الخاص، أو التأخير في الأعمال المنزلية.

  • العمل المطلوب منك متعب أو مزعج

لان إنجاز أي عمل يحتاج لصرف وقت سواء لجمع معلومات أو لرؤية النتائج مثلا عمل دايت صحي أويحتاج طاقة أو جهد بدني مثل الرياضة أو انه يحتاج مال مثل شراء معدات أو دفع الضرائب وهذا يجعلك أقل سعاد من أي عمل روتيني تقوم به مثل مشاهدة التلفاز أو الاستلقاء على السرير فنأجل العمل حتى آخر لحظة أو عدم القيام به، ويمثل هذا السبب 80% من مجمل أسباب التسويف.

  • مهمّة كبيرة

مثل أن تصنع شيئ من لا شيئ سوف يشعرك بالضعف كأن تستلم مهمة جديدة في عملك لأول مرة أو طبخ وجبة جديدة،  يصيبك الارتباك لأنك لاتعرف نقطة البدية أو الطريقة الصحيحة بخطوات كاملة لتحقيقها، فالأهداف المجردة والغير واضحة فإن تحقيقها يبدو غير محتملاً، مما يؤدي إلى التسويف.

  • عدم وجود حد زمني أو did line واضح لإنجاز المهمّة

أكبر مثال على هذه النقطة هي الوعود التي تقطعها لنفسك بفتح مشروعك الخاص أو تعلم لغة جديدة أو ترك التدخين فهنا لايوجد رقيب على نفسك يذكرك بأن موعد التسليم قد اقترب لذلك تستمر بالتأجيل حسب الظروف.

غير أن هناك أسباب أخرى تتعلق بالصحة النفسية مثل الأشخاص الذين يعانون من الإكتئاب والقلق أو السعي نحو الكمال . وأسباب بيولوجية مثل أولئك الذين يماطلون لديهم هياكل دماغية تجعلهم عادة أقل توجهاً نحو المستقبل، وأسباب تتعلق بالسمات الشخصية عند الأفراد مثل عدم القدرة على ضبط النفس و ضعف في الإندفاع والتشتت وغيرها.

واذا لاحظت عزيزي القارئ أن القاسم المشترك بين هذه الأسباب هو عدم الراحة ويزداد كلما تخيلت نفسك وأنت تؤدي تلك المهمات فالتأجيل هنا أمر مثير فتذهب لأمور تشعرك أكثر بالمتعة مثل تصفح جهازك الذكي أو مشاهدة الأفلام أو أي ممتع يستحضر من ذكرياتك يرتبط بشعور جيد.

طرق التغلب على التسويف

علاج التسويف

  • حدد أولوياتك عليك أن تتعلم أن تحدد أولوياتك وتقسيمها الى مهم وعاجل ثم عاجل وغير مهم ثم مهم وغير عاجل ثم غير مهم وغير عاجل، باتباع هذه الطريقة ستتمكن من معرفة أي المهام عليك البدء به على الفور وأي المهام التي يمكنك أن تدفعها لنهاية القائمة أو ربما ليوم آخر.
  • تقسيم العمل الى وحدات والوحدات الى خطوات قابلة للتنفيذ وكل خطوة يجب ألا تستغرق أكثر من 15 الى 20 دقيقة
  • حدد لنفسك موعد لاكمال المشروع والوحدات ودونها في مخطط العمل اليومي  أو في التقويم على موبايلك
  • كافئ نفسك عن اتمام الخطوات بما تستمتع به وكافئ نفسك بشكل أكبر عند تنفيد المشروع بالوقت المحددمما يعزز ثقتك بنفسك ويحفزك بتحقيق المزيد.
  • تخلص من كل ما يشتت انتباهك كأن تخصص وقت محدد لتفقد بريدك الإلكتروني للرد على الرسائل في وقت واحد ليس حال وصولها فوراً، ووقت لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو ابقاء الهاتف الجوال بعيداً عنك وقت العمل.
  • البدء بالمهام الأكثر صعوبة عليك دائماً أن تبدأ يومك بأكثر المهام صعوبة، فذلك سيمنحك شعور بالثقة بالنفس وستشعر بأنك قد قطعت شوطاً كبيراً بالفعل، وستصبح أكثر حماساً للانتهاء من بقية المهام كونها بسيطة مقارنةً بما انتهيت منه حتى الآن.
  • لاتسعى وراء المثالية يجب أن تدرك طبيعتك البشرية وأن المثالية و الكمال غاية لا يمكننا تحقيقها على الأرض، لذا لا مانع من أن تسعى لإتمام المهام بأفضل شكل ممكن، لكن عليك أن تنتبه من الوقوع في فخ المثالية كونها أول الطرق التي تؤدي للتسويف.
  • لابد من التحلي بصفات نفسية مثل الانظباط والجديّة والتحلي بالمسؤولية والمثابرة على تحقيق أهدافنا.

وأخيراً

التسويف ليس مرض يمكن علاجه أنما مشكلة تتعلق بعدم تنظيم المشاعر أو محاولة تجنب المشاعر السيئة مثل التوتر وغيرها التي تتعلق بالعواطف وليس نقص الإرادة ممكن أن تنتج عن ضعف بالذكاء العاطفي.