نستعرض لكم الحادثة الشهيرة التي حدثت مع المنتخب الهندي في كاس العالم ١٩٥٠ في البرازيل قبل بداية كأس العالم بعدة شهور في قطر2022 (لاول مرة على أرض عربية)لنروي لكم بداية القصة التي بدات في اولمبياد لندن ١٩٤٨!

لقد فاجأت الهند العالم في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 1948 في لندن، حيث خسر الفريق الوطني الهندي لكرة القدم -الذي لم ينتعل لاعبوه أحذية (عدا بعض اللاعبين الذين ارتدوا الجوارب فقط)- لصالح فرنسا في الجولة بفارق صغير جداً بالأهداف (2 مقابل 1). في الحقيقة بقيت الهند متعادلة مع فرنسا هدفاً لهدف حتى الـ70 دقيقة الأولى من المباراة.

جذبت هذه المباراة اهتماماً كبيراً كونها المشاركة الأولى للهند في دورةألعاب عالمية كدولة مستقلة (بعد الحصول على استقلالها من بريطانيا العظمى)، ولكن الاهتمام الأكبر كان منصباً على لعب عناصر الفريق الهندي بدون أحذية.

رأي الاتحاد الدولي (الفيفا) من طلب المنتخب الهندي باللعب حفاة القدمين!

وضح الاتحاد الدولي لكرة القدم ”الفيفا“ للهند أنه من غير المسموح للاعبي المنتخب الهندي أن يشاركوا في كأس العالم لعام 1950 بدون أحذية، ولكن حصل بعد ذلك شيء مثير للاهتمام: فعند تحديد الفيفا لتشكيلة كأس العام 1950 قرر الاتحاد الدولي (الفيفا)منح مكانين مضمونين لكل من فريقي البرازيل وإيطاليا، مما ترك 14 مكاناً آخر شاغرا من الواجب ملؤه حتى تستقيم الدورة، لذا قررت الفيفا أن 7 من هذه الأماكن ستكون من نصيب منتخبات أوروبية، و6 من الأميركيتين، وواحد من آسيا، ولكن تكمن المشكلة في كون 3 من المنتخبات الآسيوية المدعوة لكأس العالم قد انسحبت من الدورة قبل جولة التأهيل، وهذه المنتخبات هي الفلبين، وأندونيسيا وبورما مما ترك المجال مفتوحاً أمام الهند لأخذ مكانها في كأس العالم، وكانت هذه المرة الأولى للهند في كأس العالم، ولكنها انسحبت هي الأخرى وبقيت قصة انسحاب المنتخب الهندي بسبب عدم السماح له بالمشاركة حافي القدمين تحكى لعدة سنين.

للإشارة، فإن اللجنة الدولية الأولمبية هي مَن تُنظم الأولمبياد، عكس تظاهرة كأس العالم التي تُشرف عليها الفيفا.

"<yoastmark

الاسباب والحقائق التي ادت الى انسحاب المنتخب الهندي وتعدد الروايات!

البعض يقول إن منتخب الهند عجز عن السفر إلى البرازيل، لِخوض منافسة كأس العالم، بِسبب خواء خزينة اتحاد الكرة، وعدم استطاعته توفير نفقات السفرية إلى هذا البلد اللاتيني. ولكن هذه الرواية قد تكون ضعيفة، إذا علمنا أن الهند شاركت في أولمبياد بريطانيا عام 1948، فهل بريطانيا قريبة من الهند؟ وهل السفرية إلى عاصمة الضباب ليست مُكلّفة؟

ويُقدّم بعضهم تفسير ثانٍ، فحواه أن كرة القدم ليست رياضة شعبية في الهند، عكس لعبة الكريكيت. ما يعني أن الهنود لا يعبأون بِاللوائح التي تُنظّم منافسة كرة القدم.

ويوجد تفسير آخر، مضمونه أن خوض لاعبي منتخب هذا البلد الآسيوي المنافسات الدولية الكروية بِأقدام حافية، يعكس جانبا روحانيا، ويُترجم حياة التقشّف والزّهد التي اتّصف بها الزّعيم الهندي “غاندي”. ويُروى عن هذا الرجلِ الإنسانيِّ – الذي كان يُؤمن بِثقافة الحوار والسّلم – أنه سافر ذات يوم عبر القطار، وحينما كان يهمّ بِالصعود، سقطت منه فردة حذاء، ولأن القطار انطلق ولم يستطع “غاندي” النزول لِالتقاطها، قام بِرمي الفردة الأخرى في نفس المكان الذي سقطت فيه الفردة الأولى. ولمّا سُئل عن السبب، قال “غاندي” إنه فكّر في المحتاج الذي يعثر على هذا الحذاء، فيستفيد من حذاء كامل وليس فردة واحدة لا تنفع.

ووفقاً لمجلة Sports Illustrated الاميركية أعلنت الاتحادية الهندية لكرة القدم (AIFF) أن المنتخب لن يشارك في كأس العالم، معللة السبب بالخلافات حول تشكيلة الفريق وعدم وجود وقتٍ كافٍ للتدرب، ولكن المحرر المساعد لصحيفة ”كرة القدم والمجتمع“ Kaushik Bandyopadhyay وضح قائلاً: ”تظهر الدراسات الدقيقة أن انسحاب المنتخب تحت ذريعة العوائق المالية يوضح الفشل العجيب للاتحاد الهندي في تقدير أهمية المشاركة في كأس العالم، بالرغم من تعهد اللجنة المنظمة بدفع قسم كبير من التكاليف.“

إن هذه الفكرة التي تنص أن الاتحاد الهندي لم يأخذ المشاركة في كأس العالم بجدية، واعتباره الألعاب الأولمبية الهدف الوحيد، هي فكرة وضحها Sailen Manna -وهو الشخص الذي كاد أن يصبح مدرب الفريق- فقد أخبر Sports Illustrated: ”لم يكن لدينا فكرة عن كأس العالم آنذاك، ولو كنا على دراية أكبر لبادرنا بأنفسنا، ولكن كانت الألعاب الأولمبية كل شيء بالنسبة لنا ولم يكن هناك حلم أكبر.“

وكلما برزت قضية انسحاب الفريق الهندي من كأس العالم لسنة 1950 برز معها الحديث عن قضية اللاعبين الحفاة، ومن المؤكد أنه أمر يثير استياء الفريق الهندي، لكن ذلك لم يحصل لو أخذنا بالاعتبار أن هذا هو السبب الوحيد للانسحاب، حيث أنه من المرجح أن القائمين على الفريق الهندي لم يدركوا أهمية كأس العالم آنذاك ليقوموا بإرسال لاعبيهم كل تلك المسافة الكبيرة، خصوصاً بعد انسحاب المنتخبات الآسيوية، ومن الواضح أن كأس العالم لم يكن ذا أهمية كبيرة في ذلك الوقت نظراً لكون العديد من المنتخبات الآسيوية لم تحاول حتى الوصول إلى المسابقة.

المنتخب الهندي في اولمبياد لندن

المنتخب الهندي في اولمبياد لندن

إذاً على ما يبدو فالسبب ليس أبداً كما شاع في تلك الفترة، حيث تبدو الأسباب التي وضحها Manna منطقية وأكثر قابلية للتصديق، وللأسف لقد كان خيار الهند في عدم الحضور ذا تأثير سلبيٍ على كرة القدم الهندية، حيث أوضح Manna أنه: ”لو قمنا بهذه الرحلة إلى البرازيل، لكانت كرة القدم الهندية اليوم على مستوى آخر.“

وتباينت الآراء كما تضاربت الرّوايات، بِشأن إصرار لاعبي منتخب الهند على خوض المنافسات الدولية الكروية، بِدون أحذية.

ويُقدّم بعضهم تفسير ثانٍ، فحواه أن كرة القدم ليست رياضة شعبية في الهند، عكس لعبة الكريكيت. ما يعني أن الهنود لا يعبأون بِاللوائح التي تُنظّم منافسة كرة القدم.

ويبقى سلوك منتخب الهند في أولمبياد لندن 1948، لافتا وغريبا، يُشبه الحركات الخارقة للعادة، التي يقوم بها أبطال الأفلام الهندية في أفلام “بوليوود”، على غرار النطّ من أسفل الحائط إلى أعلاه (وليس العكس)! أو صدى اللّكمات! أو السرعة الإلكترونية في تفادي الرّصاص الطائش! وغيرها من المهارات الخرافية الخارقة للعادة.

وانت الأن هل تستطيع أن تذكر لنا قصة غريبة سمعتها او قرأت عنها حصلت في كأس العالم؟