التوتر هو جزء طبيعي من حياتنا، ينظر إليه العالم على أنه أمر مضرّ للصحّة، إلّا أنه في بعض الأوقات يكون مفيداً ويشعرك بالقوة والسعادة. يمكن للتوتر أن يشوقك للخروج في موعد، أو أن يحفزك للحصول على الترقية في العمل. لكن إن لم تحسن التعامل مع التوتر وأصبح يرافقك على المدى الطويل، يمكن أن يؤثر بشكل خطير على عملك وحياتك الأسرية وصحتك.

ما معنى التوتر:

التوتر هو استجابة جسدك للحالات المؤذية، في حال كانت حقيقية أو خيالية. عندما تشعر بالتهديد، يحدث تفاعل كيميائي في جسمك يسمح لك بالتصرف بطريقة تمنع حدوث إصابة. هذه الإستجابة تعرف باسم “المواجهة أو الهروب”، أو “الاستجابة للتوتر”. أثناء الإستجابة يرتفع معدل ضربات القلب، وتزداد سرعة التنفس، وتشتد العضلات ويرتفع ضغط الدم، مما يسمح لك بحماية نفسك عن طريق اتخاذ القرار المناسب، فهو رد فعل جسمك على ضغط تتعرض له من حالة أو حدث معين. يمكن أن يكون رد الفعل جسدي أو عقلي أو عاطفي. ليس كل التوتر سيء، إنما قد يجعلك أكثر وعياً بالأشياء من حولك وأكثر تركيزاً، وفي بعض الحالات يمكن أن يعطيك الطاقة الكافية لإنجاز المزيد من الأعمال.

أسباب التوتر:

لدى كل شخص أسبابه الخاصّة التي تدفعه للتوتر، أكثر هذه الأسباب شيوعاً هو ضغط العمل، كما هنالك القلق، والظروف الحياتية.

ولأن فهم أسباب المشكلة يساعدك على حل المشكلة، نستعرض فيما يلي كل منها بالتفصيل:

ضغط العمل

أسباب الضغط في العمل:

  • افتقادك للشعور بالسعادة في العمل
  • كثافة العمل والمسؤوليات
  • العمل لساعات طويلة
  • إدارة العمل الضعيفة، وعدم وضوح مهامك في العمل
  • عدم مشاركتك في عملية اتخاذ القرار
  • العمل في ظروف خطيرة
  • شعورك بالشك حول إمكانية التقدم في العمل، أو التهديد بالإقصاء
  • تعرضك للتمييز أو الإزعاج في العمل، خاصةً إذا لم تكن الشركة تقدم الدعم
  • القلق تجاه جوانب الحياة المختلفة
  • الشعور بالخوف وعدم التأكد بسبب عدم امتلاك السيطرة على التهديدات الخارجية
  • نمط السلوك والإدراك، والتي تتحدد بنظرتك إلى العالم من حولك
  • التوقعات غير الواقعية، كالسعي إلى المثالية بشكل مبالغ فيه
  • التغيير، سواء أكان جيداً أم لا

الضغط من الظروف الحياتية

حقوق النشر: Unsplash

الظروف الحياتية التي تسبب التوتر:

  • فقدان شخص عزيز
  • الطلاق
  • خسارة العمل
  • زيادة الالتزامات المالية
  • الزواج
  • الانتقال إلى منزل جديد
  • الأمراض المزمنة أو الإصابات
  • المشاكل النفسية (الاكتئاب، القلق، الغضب، الحداد، الذنب، عدم تقدير الذات)
  • الاعتناء بفرد من العائلة يعاني من المرض أو كبر السن
  • التعرض للأحداث الصادمة (الكوارث الطبيعية، السرقة، الاغتصاب، العنف تجاهك أو أحد المقربين)

تختلف درجة التوتر بحسب شخصيتك وتجاوبك مع المواقف المختلفة، إذ ينظر البعض إلى ضغوطات العمل والحياة كعقبات بسيطة في الطريق، بينما قد يدفع القلق بعض الأشخاص إلى الإصابة بالأمراض.

أعراض التوتر

حقوق النشر: Unsplash

أعراض التوتر:

يؤثر التوتر علينا جميعاً، فقد تلاحظ أعراضه عندما تؤدب أطفالك، أو عندما تواجه ضغوطات العمل أو الالتزامات المالية. وعلى الرغم من أنك لا تستطيع التخلص من الضغط بشكل نهائي فقد يعترض طريقك في أي مكان، إلّا أن بإمكانك السيطرة على كمية الضغط التي تؤثر بك في لحظات اتخاذ القرار. الخطوة الأولى للسيطرة على التوتر هي معرفة أعراضه، لكن تمييز هذه الأعراض ليس بالأمر السهل لأننا في أغلب أوقاتنا نكون متوترين دون معرفة ذلك، ولا ندرك الأمر حتى نصل لحظة الإنهيار.

تختلف الأعراض من شخص لآخر، وتظهر في عدة نواح منها:

الأعراض العاطفية:

  • سرعة الغضب، والإحباط، وتقلب المزاج
    قد تشعر بالإحباط والغضب بسبب عدم قدرتك على عدم تحقيق شيئ ما، واستمرار الحالة قد يؤدي إلى مشاكل عديدة.
  • شعور غامر بفقدان السيطرة
    افتقاد القدرة على وضع قيود واعية على الدوافع والسلوك.
  • صعوبة الاسترخاء والتحكم بالأفكار
    عندما تشعر أن عقلك يستذكر مشاعر وأفكار سلبية.
  • الشعور بالسوء تجاه نفسك؛ تدني الثقة بالنفس، والوحدة، والاكتئاب
    تجنب الآخرين
    الشعور بعدم الكفاءة أو عدم الإحساس بالحب، وافتقاد الثقة بإمكانيته على إنجاز المهام.

 

الأعراض الجسدية:

  • الخمول
    الشعور بالتعب طوال الوقت، وعدم القدرة على إنجاز المهام الأساسية دون الشعور بالإرهاق.
  • الصداع
    الشعور بألم في رأسك أو وجهك.
  • المشاكل الهضمية كالإسهال، أو الإمساك، أو الغثيان
    حدوث زيادة في حجم أو سيولة أو تكرار البراز، أو شعور بالحاجة للتقيّؤ.
  • الأوجاع وتشنج العضلات
    حدوث إنكماش لعضلة واحدة أو أكثر مما يؤدي لإلى الشعور بالألم.
  • ألم الصدر وتسارع نبضات القلب
    ذبحة صدرية، وتسارع نبضات القلب بما يزيد عن 100 نبضة في الدقيقة.
  • الأرق
    اضطراب يؤدي إلى صعوبة النوم أو صعوبة الاستمرار فيه.
  • الأمراض والزكام المتكرر
    يسبب التوتر في إضعاف جهاز المناعة مما يعرّض المصاب للسعال والتهابات الجيوب الأنفية وغيرها.
  • انخفاض الرغبة الجنسية و/أو القدرة الجنسية
    فقدان الاهتمام بممارسة الجنس أو عدم القدرة على ممارسته.
  • العصبية والرجفان
    السرعة والمبالغة بالإنفعال مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم والشعور بصداع.
  • تعرق الأطراف
    ترتفع حرارة الجسم عند التوتر مما يؤدي إلى تعرّق اليدين.
  • طنين في الآذان
    سماع ضجيج في الأذنين، يكون صوت الضجيج يشبه هدير الموج أو صوت الصراصير.
  • جفاف الفم وصعوبة البلع
    جفاف الجلد حول الفم بسبب نقص اللعاب، وتشقق الشفاه وتصدعها.
  • تشنج عضلة الفك، وصك الأسنان
    انقباض عضلات الفك وعدم قدرتها على الارتخاء.

 

الأعراض الإدراكية:

  • القلق المستمر
    الشعور بالخوف والقلق المتكرر من دون أي سبب حقيقي.
  • النسيان وقلة التنظيم
    يسبب التوتر تشتت الانتباه، مما يؤدي إلى النسيان المتكرر.
  • اتخاذ القرارات الخاطئة
    اتخاذ القرار أثناء حالة من الغضب غالباً ما يؤدي إلى تعقيد الموقف.
  • عدم القدرة على التركيز
    التعرض للتوتر قد يسبب مشاكل في الذاكرة اللحظية.
  • المبالغة في التفكير بالمشاكل
    كلما زاد الشعور بالقلق زاد التفكير والخوف من عقبات المسبِّبات، مما يؤثر على الصحة العامة.
  • التشاؤم والتركيز على الجانب السلبي
    أفكار سلبية يتفاعل معها الشخص، فيصدّقها ويستسلم لها.

الأعراض السلوكية:

  • التسويف وتجنب المسؤوليات
    يلجأ الأشخاص إلى التسويف فراراً من القلق الذي عادة ما يصاحب بداية المهام أو إكمالها أو ما يصاحب اتخاذ القرارات.
  • ارتفاع العادات العصبية، كقضم الأظافر
    عادات كقضم الأظافر، ولف الأصابع حول الشعر، وطقطقة الرقبة.
  • تغيرات في الشهية للطعام، إما زيادة أو نقصاناً
    اضطراب في الأكل يسبب انخفاض أو زيادة في وزن الجسم بشكل غير طبيعي.
  • زيادة استهلاك الكحول، أو المخدرات، أو السجائر
    تناول الكحول بكميات كبيرة يسبب قرحة والتهابات في المعدة، وتؤثر المخدرات على مخ الشخص وسلوكه.

علاج التوتر

حقوق النشر: Unsplash

علاج التوتر:

كلنا نواجه التوتر اليومي، لكن كيف يمكننا أن نتعامل معه؟ بالنسبة لبعض الأشخاص، قد تؤدي الضغوطات اليومية إلى أن يصبحوا مزعجين، وسريعي الغضب، وغير قادرين على التركيز على المهام. وقد يعاني البعض الآخر من النوم المتقطع (مشاكل في النوم أو الاستيقاظ في الصباح الباكر مع تسارع الأفكار)، وهناك من يتخذون ردة فعل في تناول الكثير من الوجبات السريعة (تذكر أن الحلوى هي الوجه الآخر للتوتر). ولكن لحسن الحظ، بإمكانك السيطرة على التوتر وعلاجه لتمنعه من إفساد حياتك.

إليك بعض النصائح التي تساعدك على الاسترخاء، وتقليل التوتر، والسيطرة على حالتك العاطفية:

تحديد الأسباب التي تجعلك تتوتر، وكيف تكون ردة فعلك

قد تجد نفسك تلجأ إلى تناول الأدوية من دون استشارة طبيب، أو قد تجد أن لديك طرق مميزة لتتعامل مع الضغوطات.

لا تبالغ بالشعور بالذنب تجاه ردود أفعالك

ردة فعلك لا تمثلك كشخص، بل هي محاولة من دماغك للاستجابة للظروف المحيطة، ولهذا السبب لا تلم نفسك على ذلك، لأنك ستخلق المزيد من التوتر.

بلل وجهك بالماء البارد

يحفز ذلك منعكس الغوص اللاإرادي الموجود لدى الثدييات، مما يجعل جسمك يعتقد بأنك تغرق أو تتجمد، ويستجيب بالشكل المناسب. إذ إن مواجهة خطر الموت يساعد على تحديد الولويات ويكسر حلقة الأفكار الداخلية المتوترة.

حاول أن تتولى السيطرة

عندما تشعر بأنك مسيطر تساعد دماغك على تفادي التوتر حول أمر ما، ويستمر التأثير الإيجابي لهذا الشعور طالما تعتقد أنك مسيطر، سواء أكان ذلك حقيقياً أم لا.

مارس التمارين الرياضية

يُعتقد أن للتمارين الرياضية دور في زيادة إفراز الإندروفين؛ المادة التي يفرزها الدماغ بشكل طبيعي لتحفيز الشعور بالأمان. وإذا لم تتمكن من ممارسة الرياضة، فبإمكانك الاعتماد على المشي، إذ تبين أنه يزيد الاتصالات العصبية في الدماغ، مما يسمح لنا بإعادة تشكيل أدمغتنا. كما أن المشاعر مرتبطة بالبيئة المحيطة، لذلك عندما تخرج أفكارك عن السيطرة، اخرج معها في نزهة لتغيير مزاجك.

مارس التأمل

من المعروف أن التأمل يخفف من التوتر، وهو ليس بالأمر الصعب، إذ لا يتطلب أكثر من 10 إلى 15 دقيقة يومياً لتشعر بالمنفعة التي تزداد مع الوقت فيما يبدأ الدماغ بتجديد نفسه مع التدريب.

فإذا شعرت بالإحباط من تسارع أفكارك بشكل متكرر، تذكر أنك تسير بالطريق الصحيح في كل مرة تتمكن من إعادته إلى وضع الراحة، فمن الطبيعي أن يتجول فكرك أحياناً، ولكن الإنجاز الرائع هو أن تتمكن من إعادته إلى الراحة.

إن التأمل لا يعني التخلص من كل الأفكار الموجودة في الدماغ وإدخاله في حالة الخواء، بل إنه إعادة الدماغ إلى حالة التركيز ليتمكن من العودة إلى حالة الراحة.

استحم بالماء البارد

على الرغم من المشاعر الجنونية التي قد تشعر بها، إلا أنه يرفع من قدرتك على تحمل التوتر، مما يدرب دماغك على الاستمرار بالعمل في المواقف الصعبة.

نَل أقساطاً من الراحة

إن الحفاظ على التركيز أمر الصعب، إذ يتطلب الإفراز المستمر للنواقل العصبية، مثل السيروتونين، والأسيتيل كولين، والنوربينفرين، والدوبامين، ويرتبط الأخيران بتأثير التوتر بشكل مباشر، كما يحتاج الجسم إلى تدفق الدم والكثير من الطاقة بالإضافة إلى المواد الكيميائية تلك. وقد أظهرت الأبحاث أن الحصول على قسط من الراحة يسمح لدماغك بالاسترخاء ويخفف الأعراض الكيميائية للتوتر، لذلك لا تنسى أن تتجول قليلاً وتستريح بعد مضي 45 دقيقة من التركيز.

اذهب في إجازات واستمتع بوقتك يومياً

من الواضح أن الاستمتاع بوقتك يخفف من الضغط الذي تشعر به، كما أنه يحفز الحصين في الدماغ، وبالتالي تترسخ الذكريات، وتزداد قدرتك على التحكم بمستوى التوتر. ولا يعني ذلك أن تجلس أمام التلفاز لساعات، بل يعني أن تتناول الطعام الصحي اللذيذ، وأن تقضي وقتك مع الصحبة الطيبة، وأن تشارك في الأجواء الممتعة بشكل فعّال. وسواء اخترت تجهيز حوض استحمام معطّر لنفسك، أو الخروج في موعد، تذكر أن تخصص بعض الوقت للاستمتاع بوقتك بشكل يومي.

فوائد التوتر

فوائد التوتر:

دائماً ما يصنف التوتر على أنه شيء سيء، إلا أن فوائد الكميات القليلة أو المعتدلة من التوتر قد تزيد من قوتك، وذكاءك وتجعلك أكثر سعادة.

يسمي علماء النفس التوتر الذي تشعر به عندما تكون متحمس بالـ “التوتر الإيجابي“، كأن تشعر بالتوتر عندما تقابل شخصاً جديداً، أو عندما تشاهد فيلماً مخيفاً أو تواجه تحدي في العمل بنجاح كبير.

إذاً ما هي فوائد التوتر؟

يساهم في نمو الدماغ

في الواقع، تساعد الفترات القصيرة من التوتر على تحسين أداء الدماغ. في دراسة نشرت عام 2013 في مجلة “elife” “إي لايف” العلمية، وضع الباحثون الفئران في حالة توتر لمدة قصيرة (ثبتوهم في قفصهم لبضع ساعات)، وقد ضاعفت هذه التجربة نمو خلايا دماغية جديدة.

يحسن الذاكرة

إن تذكر تفاصيل المواقف المسببة بالتوتر هو أمر مهم جداً لمعرفة طريقة التعامل معه وكذلك تفاديه في المستقبل، تقول طبيبة الأعصاب “دانييلا كوفر“، وهي أستاذة في قسم علم الأحياء التكاملي ونائبة العميد في العلوم البيولوجية في جامعة كاليفورنيا، بركلي.

إن كنت تسير في ممر وشخص ما هدّدك، فمن المهم أن تتذكر أين كنت تماماً كي تتجنب هذه المخاطر. ومن المنطقي إذن، أن التعرض لتوتر معتدل يمكن أن يعزز ذاكرتك لتذكر الحدث.

يمنحك الثقة

يمكن التوتر أن يرفع لك طاقتك قليلاً، خصوصاً إذا كان من النوع المعتدل.

“التوتر الإيجابي” أو “يوسترس” هو تجربة توفر شكلاً مفيداً من أشكال الإثارة، كما تقول “ديبورا سيراني“، مؤلفة كتاب العيش مع الاكتئاب، وأستاذة مساعدة في جامعة أدلفي.

الحالات التي تشعرنا بتحد، والتي تكون مثيرة ومحفزة، تسبب بتوتر في عقلنا وجسدنا، ولكن ليس بالضرورة أن تسبب عدم الراحة. بل إن ال”يوسترس” يحفزنا ويشحن لنا معنوياتنا، ويساعدنا على حل المشاكل بنجاح.

يحميك من المرض

صحيح أن التوتر المزمن طويل الأمد يمكن أن يجعلك أكثر عرضة للأمراض، ولكن التوتر “الجيد” قصير الأجل في الواقع يمكن أن يوفر بعض الحماية من الإصابة بالمرض. يقول الدكتور سيراني

التوتر الإيجابي يزيد من كفاءة جهازك المناعي

وتشير مراجعة لدراسة نشرت عام 2013 في مجلة “Psychoneuroendocrinology” “علم الغدد الصماء العصبية” إلى أن مستويات التوتر التي يمكن التحكم بها قد تعزز القدرة على تحمل الأمراض ومقاومتها.

يمنحك الثقة

عندما تواجه تحديات بإمكانك مجاراتها سوف تشعر بتوتر سيساعدك على التغلب عليها.

على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بأن ضربات قلبك تتسارع قبل مقابلة العمل، فكر في الأمر على أن جسدك يرفع مستوى التحدي بدلاً من أن تفزع.

هذا التغيير الصغير بطريقة التفكير يمكن أن يساعدك على توجيهه ليساعدك على كسب الثقة اللازمة لإنجاز المهمة.

يجعلك أكثر قدرة على التأقلم

التعامل مع كمية معينة من التوتر هو أمر طبيعي، وأولئك الذين يتعاملون معه بطريقة إيجابية قد يتمتعون بقدر أكبر من الفائدة وسينعكس عليهم بشكل إيجابي.

يقول الدكتور تيكمان:

يعتمد تأثير التوتر على الخلاصة التي نأخذها من كل موقف، وإدراكنا لمدى صعوبة التحكم بالموقف، ومدى كفاءة الموارد المتاحة في حل المشكلة.

فعلى سبيل المثال، يعتقد طالب أنه من المستحيل أن ينجح في الامتحان غداً فيختار ألا يدرس، بينما يرى طالب آخر أنه على الرغم من صعوبة الامتحان، يمكنه أن ينجح إذا درس بجهد. لذلك قد تختلف الاستجابة بشكل كبير بين الشخص والآخر، حتى تحت تأثير المسبب نفسه. ومن المفيد أن تذكر نفسك بأن تستطيع النظر إلى الموقف نفسه من عدة وجهات مختلفة، وأنك قد تعاملت مع التوتر فيما مضى وعلى الأرجح أن تتعامل معه مجدداً في المستقبل.

يساعدك على التعامل مع المزيد من التوتر

يبدو الأمر غريب، لكن التعامل مع التوتر يساعدك على التعامل مع المزيد منه.

يقول الدكتور تيكمان:

وجود تجربة ناجحة في ضبط حالة توتر تزيد من كفاءتك الذاتية، وهي أن لديك الموارد والقدرة على تحقيق أهدافك

ويضيف عندما تشعر بأنك قادر على أن تكون فعّال، فإنه يبني حافزاً على مواجهة تحديات أكبر، وحتى عندما لا يسير الوضع بشكل جيد، يمكنك التعلم من تلك التجربة.

فإذا نظرنا إلى الحالات المرهقة على أنها فرصة للتعلم، بدلاً من أنها تهددنا بالفشل، ومعرفة التصرفات التي لم تجدي والتي كانت مفيدة، وكيف يمكن أن تستجيب بشكل مختلف في المستقبل، يمكن أن تساعدك على التعلم والتطور.

يساعدك على أن ترى حياتك هادفة

إن تجاوزك للمواقف المرهقة يزيد من تقديرك للحياة بشكل عام، وقد يعود سبب ذلك إلى أن الأشخاص الذين يخوضون الأنشطة والعلاقات هم أكثر انخراطاً في الحياة. كما تقول الدكتورة سيراني:

عندما تفكر في التوتر، تذكر أن الكلمة نفسها لا تأخذ دوماً المعنى السيء؛ كميات معتدلة من التوتر الإيجابي يمكن أن يساعدك على التعامل مع مشاكل الحياة بطريقة فعّالة، وإدراك المعنى الأعمق فيها.

الخلاصة

مهما حاولت إبعاد نفسك عن التوتر، سيصل إليك بطريقة أو بأخرى. لذلك فكّر في الأسباب التي تعرّضك للضغط، وحاول السيطرة على ردود أفعالك، وأن تنال قسطاً من الراحة عندما تشعر أن الإرهاق زاد عن حدّه. وتذكّر أن التوتر السلبي يمكن أن يتحول إلى إيجابي إذا نظرت إلى الأمور بطريقة مختلفة.