تسعى البشرية دوماً إلى ابتكار كل ما يساعدها على تسهيل أمور الحياة واجتياز الصعاب التي بمقدورها خلق راحة أكبر للإنسان. وفي ظل كل هذه الابتكارات أثبتت الروبوتات أهميتها من خلال التطور الذي تقدمه والسرعة الفائقة في أداء المهام خصوصاً تلك الروتينية أو حتى الدقيقة، ليُعرف الروبوت هو آلة على وجه العموم ذات نظام برمجي مؤتمت يتم تصميمه وفق قواعد بيانات معينة تختلف أنظمتها تباعاً للحاجة التي تم اختراعه لأجلها. تتعدد أشكال وأحجام الروبوتات وتختلف مهامها منها التعليمية والخدمية كذلك الصناعية والطبية ناهيك عن تلك المصممة لمواقع الويب والدردشات. أثرت الروبوتات على عمل الإنسان بصورة عامة كونها أخذت فرصته في أغلب القطاعات لتصبح القائد الأقوى في هذا العالم.

نظرة تاريخية حول تطور مفهوم الروبوت:

ظهر مفهوم الروبوت قديماً لأول مرة في مسرحية تشيكية للكاتب “كاريل تشابيك” في عام 1920 والتي دارت أحداثها حول معمل يقوم بتركيب أشخاص اصطناعيين أُطلق عليهم الروبوتات، حظيت المسرحية بشهرة واسعة جعلتها منبعاً لأفكار عديدة قادمة.

تم تسجيل أول براءة اختراع لروبوت بالشكل المطور في عام 1961 قدمها العالم “جورج ديفول”، وكان الاختراع قابلاً للبرمجة ويمكن تشغيله بالشكل الرقمي، دخل الروبوت السابق في مجال الخدمة الصناعية بما يتعلق في لحام الأجزاء وتحميل وتفريغ الأدوات. تمتع روبوت ديفو بشهرة واسعة كونه دخل سوق العمل وانطلقت من بعده روبوتات عديدة بنماذج مختلفة حيث شهد القرن العشرين نقلة نوعية في العلم الروبوتي بدايةً من روبوت ديفو وصولاً إلى أميكا الذي يعد الأكثر ذكاءً وواقعية في عالم الروبوتات.

 

أنواع الروبوتات:

مع تفاقم الحاجة إلى العلوم الذكية التي من شأنها كسب الوقت وزيادة السرعة، لم تنحصر الروبوتات في أنواع محددة وذلك لكثرتها وتعدد المهام التي صممت لأجلها، ولكن يمكننا تقسيمها لمجموعتين الروبوتات البرمجية والروبوتات العملية:

الروبوت البرمجي:

وهو كل ما يعتمد على البرمجة والقاعدة المعرفية بدون الحاجة إلى تصمصم هيكل خارجي وفق بنيان لأداء مهمات معينة تتطلب جهد، ومن هذه الأنواع:

  • روبوتات الدردشة: يتم توظيف هذا النوع من الروبوتات للرد على العملاء والتحقق من استفساراتهم وفق تعليمات يتم إدراجها ضمن النظام.
  • متتبعات الويب: تقوم هذه الشبكات بتنظيم صفحات الويب وجدولتها وتنسيق المحتوى لأجل توفير أفضل بحث للمستخدم.
  • أدوات المراقبة: تتجلى مهمة هذه الروبوتات على تحقيق الأمن العام ضمن الأنظمة وعزل المواقع الضارة غير الملائمة للمستخدم ضمن صفحات الويب، كما أنها تساهم في جمع البيانات وتحرير الأخطاء ونفيها.
  • أمن المعاملات: تم فرز هذا النوع من الروبوتات لتسهيل عمليات الدفع الخاصة بمعاملات التجارة الالكترونية التي يفضلها المستخدم في شراء حاجياته عبر الإنترنت. توفر هذه التقنيات التحقق العام من المعلومات الشخصية وبطاقات الائتمان لتجنب اختراق الحسابات.

 

الروبوتات العملية:

تتعدد أنواع الروبوتات العملية تبعاً للوظائف التي تقوم بها فهي تعتمد في مجملها على البرمجة والهيكل المتين الذي يمكنها من أداء مهام صعبة أو دقيقة نذكر منها:

  • الروبوتات الصناعية: تم إيجاد أول روبوت صناعي في عام 1937 وكان عبارة عن رافعة مفصلية تعمل بواسطة محرك تقوم برفع الأشياء، يُعرف الروبوت الصناعي على أنه آلة ميكانيكية تملك ذراع واحدة أو أكثر يتم استخدامها للقيام بالمهمات المحفوفة بالمخاطر أو الروتينية، بحيث يتم أداء هذه المهمات بدقة أكبر وسرعة أعلى مما يوفر الجهد على الانسان إضافة لكونها تعمل لساعات متواصلة دون تعب مما يعزز من إنتاجية المصنع. تتعدد أنواع الروبوتات الصناعية منها المفصلية والديكارتية والقطبية وكذلك الاسطوانية.

الروبوت الصناعي

 

  • الروبوتات الزراعية: لم تقتصر خدمات الروبوتات على الصناعية فقط إنما دخلت في مجال الزراعة حيث تم طرح مفهوم الزراعة الرقمية كنوع من أنواع استخدام الآلات الذكية في مراحل الزراعة كروبوتات الحصاد ونشر البذور والتخلص من الأعشاب الضارة، تتميز هذه الروبوتات بوجود معالج فريد يتم برمجته لأداء مهمة واحدة وبإشراف متخصص زراعي.الروبوت الزراعي

 

  • الروبوتات الطبية: برزت الحاجة الملحة إلى مثل هذه الروبوتات خلال جائحة كورونا، لا سيما أن القدرات الطبية في هذه الفترة استنفذت كامل قواها بسبب السرعة في انتشار الفيروس مما جعلهم يبحثون عن حل للتخفيف من الملامسة البشرية بين المريض والطبيب. لم يتم فرز الروبوت في القطاع الصحي على الجراحة فحسب إنما ظهر ذاك المسؤول عن عمليات التعقيم وتوزيع الأدوية والتمريض، مما عكس دور التكنولوجيا في تطوير القطاع الطبي وتخفيف العبء عن طاقمه كذلك حماية الكادر البشري من أي أعراض قد تسوق بهم لحالات سيئة.

 

الروبوت الطبي

 

  • الروبوتات الخدمية: يعمل مبتكري الروبوتات على إدخال عمل الآلة في أغلب المهام حيث تم نشر بعض أنواع من الروبوتات للقيام بالأعمال الخدمية التي تقدم أفضل رعاية للزبون منها النادل والمستقبل، تم تطور شكل الروبوت في مثل هذه الخدمات ليصبح مشابهاً لشكل الإنسان على أقل تقدير. تتم محاكاة هذه الأنماط للتعامل اللبق والسريع مع الزبائن علاوةً عن تلك المستخدمة في وظائف المطبخ مما يحفز أصحاب العمل لإقتناء مثل هذه الروبوتات.

 

  • الروبوتات العسكرية: تم استخدام الروبوتات في المجال العسكري على هيئة رجال آليين قادرين على حمل السلاح وتفكيك الألغام، كذلك تمثلت في الطائرات بدون طيار مما يخفف من الخسائر البشرية خلال أي مواجهة مع العدو، فضلاً عن القدرة على التجسس ومعرفة الأسرار العسكرية التي تحتاجها المعركة.

 

ممَّ يتكون الروبوت؟

بالمجمل الروبوت هو آلة تمت برمجتها من الكومبيوتر لأداء مهام معينة، تستطيع هذه الآلة الاستجابة للبيئة المحيطة وتنفيذ الأعمال دون الحاجة لتلقي الأوامر في كل خطوة وذلك على عكس الحاسوب الذي يحتاج إلى إدخال الأمر البشري في كل عملية.

يتكون الروبوت من أجزاء ميكانيكية وبرمجية تشمل:

  • وحدة التحكم (المعالج): يعد المعالج هو الجزء الأساسي لهذه الآلة، عن طريقه تتم البرمجة وتعريف المعطيات وعمليات الإرسال والاستقبال.
  • الحساسات: يملك الروبوت حساسات عديدة تمكنه من إرسال معلومات البيئة المحيطة إلى وحدة التحكم من أصوات وصور وأوامر تشبه إلى حد ما بعملها عمل الحواس الخمسة للإنسان.
  • الأطراف الميكانيكية: تعمل على أداء المهام بالصورة المطلوبة وتتكون من مفاصل وعجلات تمكنها من التحرك أو حمل شيء ما أو نقله.
  • مخزن الطاقة: هو عبارة عن جهاز بطارية أو موتور يعمل على تزويد الروبوت بالطاقة المطلوبة.

الروبوتات والذكاء الاصطناعي:

مع تطور علوم البحث والتكنولوجيا ظهرت تقنية الذكاء الاصطناعي وهي تقنية ذات قدرات حل تشبه قدرات العقل البشري، يتم إيجادها وفقاً لبيانات محوسبة لتقديم أفضل النتائج والتصنيفات.

ومما لا شك فيه أن هذه التقنية دخلت في أغلب القطاعات والأنظمة منها الطبي والإعلام والأمن والبحث المعلوماتي والآلات مما زاد من قدرتها البرمجية لجعل عملها أكثر فائدة ودقة.

تباعاً إليه فإن فكرة الذكاء الاصطناعي استطاعت خلق إدراك أوسع للروبوتات العاملة حيث طور المفهوم السابق قدرة الروبوت الحركية والإنتاجية، وبحسب ما قدمه الرئيس التنفيذي لشركة ليمكس ديناميكس “لي تشانج”، الآن أصبحت الشركات وبفضل دخول تقنية AL إلى عالم الروبوتات قادرة على تهيئة روبوت ذكي لإنجاز أعمال محددة في غضون 5_7 سنوات بدلا من 8 سنوات فأكثر. وأوضحت شركة آون إيه أي صاحبة تقنية شات جي بي تي في الذكاء الاصطناعي والتي أحدثت ثورة فعلية في عالم الروبوتات المسؤولة عن الدردشة أن هذه التقنية مكنتهم من تسريع وتيرة الدرسات في صنع روبوتات محاكية للعقول البشرية وفهم المعادلات والمهام اليومية.

 

تأثير الروبوتات على المستقبل البشري:

على الرغم من الفوائد العديدة التي أحدثتها الروبوتات في هذا العالم إلا أنها أثرت وبشكل مباشر على العنصر البشري، حيث أكدت دراسات أنه في عام 2020 تم تسجيل حوالي 1.64 مليون روبوت حول العالم يعملون في مختلف القطاعات التي تقدم خدمات للبشر وبحسب التقديرات بحلول عام 2030 سيشهد العالم انقلاب مطلق للأعمال البشرية حيث من المتوقع أن تتجاوز نسبة أنواع الروبوتات العاملة 15 مليون روبوت مما يشكل خطراً واضحاً على مستقبل العاملين البشريين.

يتجلى هذا الخطر في خسارة الكثير من أصحاب الدخل المحدود أعمالهم لأن الروبوتات استولت على مناصبهم،جيث أشار بعص أرباب العمل أنهم يفضلون قطعاً الروبوت العامل بدلا من العامل البشري لأنه يوفر لهم ساعات أكثر من العمل وبالتالي رواتب أقل وإنتاجية أكبر.

كما أن تزايد أعداد الروبوتات وقدراتها المطورة يؤدي إلى توقف تطور القدرات البشرية والأفكار الناشئة في خلق بيئات عمل أفضل فالروبوت يقوم بذلك فعلاً.!

واستناداً إليه فإن كثرة الأشخاص العاطلين عن العمل سيشكل قلقاً على دولهم وقلة في معيشتهم مما ينقلنا لحالة من الفوضى والأعباء المتراتبة.

 

أبرز التطورات الروبوتية:

وضمن إيطار التطورات الحديثة التي شهدها عالم الروبوتات وقدرة مبتكريها على إدخالها في أغلب القطاعات العملية إلا أنه ما زالت هذه الآلات تشهد تحديات وتطلعات قد تصل إلى الفضاء. حيث أطلقت العديد من الدول الرائجة في صناعة الروبوتات روبوتها الخاص نحو الفضاء منها اليابان “كيربو” والولايات المتحدة الأمريكية “سيمون” بحيث تمتعت بقدرات عالية المستوى في ظل ظروف الفضاء معدوم الجاذبية لإجراء الأبحاث والتقاط الصور المطلوبة والتحليلات.

كما أن التحديث الدائم لشكل الروبوت الخارجي يحظى باهتمام مطلق لجعله شبيه بالبشر فمنه الرجل والمرأة، لتنتقل من مجرد كونها آلات إلى أشخاص بعقول ومدارك معرفية عديدة.

 

بعض الاستخدامات الضارة للروبوت:

ومع الفوائد الكثيرة التي حققتها الروبوتات في هذا العالم إلا أن وجود النقيض أمر محتوم، فهناك بعض المطورين استغلوا إمكانيات هذه الآلة لأجل مصالح ضارة أو مؤذية تمكنهم من الاختراق والعبث في المتصفحات وتعطيل بعض الأنظمة الأمنية والتجسس على بعض المستخدمين، من هذه الروبوتات كانت الاحتيالية وذات التنزيل التلقائي كذلك البريد العشوائي والوسائط الاجتماعية التي تقوم بإنشاء حسابات وهمية على منصات مختلفة.

 

وعليه فإن استخلاص الفوائد الحقيقية من الروبوت الذي من شأنه تزويد العالم بإمكانيات أفضل ومعارف أوسع بعيداً عن إقصاء دور الإنسان والاستخدامات السيئة لمثل هذه اختراعات لتظل في تطور تكنولوجي واضح ومسيرة تصاعدية مفادها التحديث والتحسين مما يؤدي إلى تغيرات عميقة في مجالات الحياة المتعددة.