تُعتبر مشكلة الاختلاج الحروري عند الأطفال من الحالات الشائع جداً حدوثها ولا سيّما عند الأطفال في عمر صغير، حيث يتعرض الكثير منهم لارتفاع الحرارة الناجم عن الإنتانات الجرثومية أو الفيروسية أو غيرها، ومما لا شكَّ فيه أنَّ نوبة الاختلاج الحروري أو النوبة الحمويّة هي حالة مرضيّة قد تثير الذعر والقلق عند الأهل في حال عدم معرفتهم بالإجراءات اللازم اتباعها أثناء حدوث النوبة، لذلك سنتعرّف في هذا المقال على أهم أسباب هذه الحالة المرضيّة و طرق التشخيص والعلاج المناسبة والإجراءات اللازم اتّباعها.

ما هو الاختلاج الحروري:

الاختلاج الحروري أو النوبة الحمويّة (Febrile Seizure) هو نوبة من النفضات والتقلّصات العضلية تسمّى بالتشنجات والتي قد تترافق مع فقدان وعي، تحدث عند الأطفال ما بين عمر 6 أشهر و 5 سنوات نتيجة ارتفاع الحرارة فوق 38 درجة مئوية، وتحدث بشكل خاص عند الأطفال بعمر 12 شهر إلى 18 شهر، وتحدث عادةً لمدة دقيقة أو أقل وممكن أن تستمر حتى 10 دقائق، ولكن في حال استمرارها لأكثر من 10 دقائق بجب طلب الإسعاف لإجراء بعض التحاليل اللازمة.

ومن الجدير بالذكر أن ارتفاع الحرارة هو عَرَض لمرض وليس مرض بحد ذاته لذلك من الضروري إجراء بعض التحاليل في المشفى لمعرفة سبب هذه النوبة الحمويّة ولا سيّما في حال تكرارها لأنها حالة قد تكون ناكسة عند الأطفال بعمر أقل من سنة، وتزداد احتمالية النكس في حال وجود أقارب من الدرجة الأولى في العائلة يعانون من حالة اختلاج حروري أو حالة صرع معينة.

أسباب حدوث الاختلاج الحروري وتشخيص الحالة المرضيّة:

يحدث الاختلاج الحروري بسبب فرط الاستثارة المخيّة نتيجة الارتفاع الشديد لدرجة حرارة الجسم (فوق 38 درجة مئوية)، المترافق مع حالة إنتان جرثومي أو فيروسي غالباً ولا سيّما في فصل الشتاء حيث تنتشر هذه الإنتانات وتنتقل بسهولة بين الأطفال الذين يرتادون دور الحضانة، أو قد ترتفع درجة حرارة الجسم بعد إعطاء اللقاح وتتسبّب في هذه النوبة الحموية في حالات قليلة، ويزداد احتمال حدوثها في حال وجود حالة أخرى في العائلة فقد يكون للوراثة دور في تكرار حدوث هذه النوبات، أو عند الأطفال بعمر صغير بينما يقل احتمال حدوثها عند الأطفال فوق ال3 سنوات.

ولتشخيص النوبات الحموية عند الرّضع والأطفال يقوم الأطباء بمراجعة التاريخ الطبي للطفل وإجراء فحص جسدي، غالباً ما يتم تحليل الدم والبول للمساعدة في تحديد سبب الحمّى، ومن الجدير بالذكر أن الجفاف الناتج عن الإسهال الشديد أو القيء يمكن أن يسبب النوبات.

وفي الحالات الشديدة والخطرة يمكن أن يتم الاشتباه بالتهاب السحايا لذلك يتم تحليل كمية صغيرة من السائل المحيط بالمخ والحبل الشوكي.

الاختلاج الحروري عند الأطفال

أعراض نوبة الاختلاج الحروري:

تتفاوت الأعراض حسب شدة الحالة مع الانتباه إلى أن شدّة الأعراض لا تعكس درجة الحرارة غالباً، لأنّها قد تحدث بدون وجود ارتفاع في الحرارة أومع انخفاضها وهنا قد تشير إلى حالة اختلاج عصبية أخرى، لذلك سنتعرف فيما يلي على أنواع النوبات والأعراض المصاحبة لها:

  • نوبة بسيطة: يصاب الطفل بتشنّج مفاجئ في جسمه, تتصلّب أطرافه وتتجه عيناه للأعلى (تغريب العينين)، ويكون التشنّج معمّم أي ينتشر فى كامل الجسم مع فقدان وعي وصعوبة بالتنفس وزرقة شفاه، ومن الممكن أن يحدث قيء أو نزول رغاوي من الفم، وقد تستمر لمدة عشر دقائق أو 15 دقيقة كحد أقصى، وتعتبر هذه الحالة هي الأكثر شيوعاً وتكون سليمة عادةً.
  • نوبة معقّدة: تكون أكثر خطورة من النوبة البسيطة وتستمر أكثر من 15 دقيقة ويمكن أن يكون الاختلاج بجزء معين من الجسم أو تتكرّر النوبة خلال مدة قصيرة أو تحدث بدون وجود ارتفاع في الحرارة، أو تحدث عند الطفل بعمر أقل من 9 شهور أو أكثر من 6 سنوات. وهنا في هذه الحالة لا بد من إجراء التحاليل والصور الشعاعية اللازمة حيث قد يتطلب الأمر إجراء بزل قطني أو تخطيط كهربائية الدماغ أو رنين مغناطيسي للرأس حسب ما يحدده الطبيب تبعاً لحالة الطفل لتحديد سبب الاختلاج لأنه قد يدلّ على مرض أكثر خطورة مثل التهاب السحايا أو الصرع.

الإجراءات الواجبات اتّخاذها عند حدوث النوبة:

يجب على الأهل عدم الخوف أو الهلع لأنّها غالباً ما تكون حالة سليمة وتزول لوحدها ولكن من الواجب التصرّف بوعي وحذر لحماية الطفل من الشردقة والاختناق في حال الإقياء، وذلك بوضعه على الجانب الأيمن وإمالة رأٍسه قليلاً، وعدم محاولة وضع أي شيء في فمه أو قمع حركاته التشنجية، كما يجب إلباسه ملابس خفيفة لا تحد من حركته، وإعطاءه تحميلة خافضة للحرارة وإسعافه لأقرب مستوصف أو مشفى لإجراء التحاليل اللازمة. ومن المفيد ملاحظة وتسجيل وقت بدء حدوث النوبة ووقت انتهائها لإخبار الطبيب بذلك من أجل المساعدة بالتشخيص.

في حال استمرار الاختلاج في المشفى يجب التزويد بالأوكسجين، وإعطاء خافض حرارة مناسب في حال كانت الحرارة مرتفعة ووضع كمادات فاترة وليست باردة والابتعاد عن الثلج أثناء تخفيض الحرارة، ومص المفرزات من الأنف والفم إن وجدت.

في حال عدم توقف الاختلاج بعد هذه الإجراءات يجب إعطاء مضاد اختلاج كالديازيبام أو اللورازيبام وريدياً أو حقنة شرجية.

وبعد انتهاء النوبة يعاني الطفل من التعب والخمول بشكل عام لبعض الوقت حتى يعود وعيه طبيعياً، وتبعاً لحالته يحدد الطبيب التحاليل اللازمة في المشفى لتحديد سبب الاختلاج، وفي حالات نادرة يُطلَب بقاء الطفل في المشفى تحت المراقبة لأحد الأسباب التالية:

  • إذا استمرت النوبة لفترة طويلة
  • إذا كان عمر الطفل أقل من 6 أشهر
  • إذا كان الطفل مصاب بعدوى خطيرة

ولكن بشكل عام يجب طمأنة الأهل لأنّها غالباً ما تكون حالات سليمة ولا تشكّل خطراً على الصحة الجسدية أو العقلية ولذلك لا يوجد أي علاج نوعي لها وإنما يكفي التعامل مع الإنتان المرافق للاختلاج الحروري بالطريقة المناسبة.

من أجل الوقاية من تكرار حدوث هذه النوبة يمكن إعطاء مضادات الاختلاج ولكن آثارها الجانبية قد تفوق فوائدها في هذه الحالة، ولذلك يفضّل عدم إعطائها وإنّما يكفي مراقبة وضع الطفل ودرجة حرارته، مع العلم أنَّ حدوث الاختلاج الحروري يكون غالباً في اليوم الأوّل من الإنتان أيّ قبل ظهور علامات المرض ولذلك غالباً ما تحدث النوبة الحمويّة بشكل مفاجئ وبدون مقدمات.

في الختام، من المهم جداً العناية بصحة الطفل وبنظافته الشّخصية وإبعاده عن أي مصدر للإنتانات الجرثوميّة أو الفيروسيّة والاهتمام بتزويده بالغذاء الصحي والحفاظ على سلامته النفسيّة والعقليّة، ودمتم وأطفالكم بصحة وعافية.