في رحلة الحياة العجلى، يأتي الصيف كفاصل زمني يدعونا للتوقف والتأمل بفرصة ذهبية تتجدد أمام أطفالنا لخلق ذكريات لا تُنسى وتجارب تعليمية قيّمة، تتجلى هذه الفرصة بأنشطةٍ تُثري تجاربهم، وتسهم في تعزيز قدراتهم الاجتماعية والعقلية. في عالم يشهد يومياً زيادة ملحوظة ومستمرة بعدد الآباء العاملين الذين هم في سباق مع الزمن للتوفيق بين جداولهم المزدحمة والرعاية الأمثل لأطفالهم.
هذه المقالة تفتح لكم صفحاتها التي تجمع بين روح المرح والفائدة المثلى بمختلف مجالات الحياة الاجتماعية والتعليمية وغيرها الكثير من خلال أنشطةٍ صيفية تناسب الأطفال بمختلف الأعمار والظروف، سواء برفقة الأهل أو على حِدَة ، مع بعض الأفكار والنصائح لتنظيم الوقت والأنشطة.
تعد مرحلة الطفولة من أهم المراحل العمرية التي تصقل شخصية طفلك، وتعطيها القالب التي ستُصبُّ به تجاربه الحياتية ومواقفه اليومية، وحتى أفكاره وشعوره، ثم إنَّها مرحلة مهمة تحتاج إلى روابط أسرية قوية التي لا بد، وأنها تتلاشى في ظل تسارع وتيرة الحياة وزيادة المشاغل التي تقع على عاتق الأبوين، في معظم الحالات أصبح كلا الوالدين يعملون، وهذا بدوره يأخذ الوقت الذي من المفترض أن يُقضى مع الأطفال لتلبية حاجاتهم النفسية ليس فقط المادية.
خلال العطلة الصيفية يحتاج الأطفال إلى أنشطة تبعث فيهم السعادة والمتعة ثم إنَّها يجب ألّا تكون مجرد تمضية وقت، يجب اختيارها بعناية لتعود عليه، وعلى صحته النفسية بالفوائد واكتساب مهارات لا حصر لها، هذه الأنشطة لا تكتفي بمساعدته، وإنما قد تفي بالغرض بإحساسك أيضاً بالسعادة التي تكادين أن تنسي معناها في ظل الضغوط والأعمال اليومية.
قسّمنا في هذا المقال الأنشطة لأنشطة خارجية وداخلية هذا التقسيم بناء على ظروف عديدة كحالة الطقس والوقت والمكان الأنسب لكل نشاط، ثم إنَّ التقسيم يشمل الأنشطة المتبعة بوجود الأهل أو من دونهم.
الأنشطة الصيفية الخارجية للأطفال:
هناك كثير من الأنشطة التي يمكن أن تنفذ خارج المنزل أو حتى في حديقة المنزل.
الأنشطة الصيفية الخارجية بوجود الوالدين :
- الزيارات الميدانية : من أكثر الأنشطة الصيفية متعة التي تجمع شمل العائلة من الأفضل أن تكون هذه الزيارات لأماكن تجمع بين المتعة والمعرفة معاً، هذا النشاط بمختلف أشكاله يعزز الروابط العائلية ثم إنَّه يكسب الأطفال معرفة وثقافة عامة، وينمي حب الاستكشاف، ويحفز السؤال لدى ذهنهم بما يرونه من أشياء جديدة. من هذه الأماكن حديقة الحيوان، والمتاحف الفنية، الأسواق التقليدية، المعالم التاريخية والأثرية وأيضاً المراكز العلمية. لا تنسوا التقاط صور لأكثر المشاهد غرابة واللحظات المميزة في مثل هذه الزيارات.
- السباحة: من أكثر النشاطات تفضيلاً في الصيف إذ لا يمكن أن تمضي العطلة الصيفية دون أن يكون هناك نشاط مائي ولا سيما في الأيام ذات الحرارة المرتفعة، فضلاً عن الفوائد الجسدية للسباحة بتنشيط جميع العضلات من الرأس حتى أخمص القدمين، فالذهاب إلى المسبح هو الخيار الأمثل في ظل توافر المسابح بكثرة وسهولة الوصول إليها، دون الحاجة لإجازات طويلة. هذا النشاط بحد ذاته ممتع، ولكن يمكن إضافة إليه بعض الألعاب المائية الجماعية كالمسابقات العائلية (سباق الغطس وسباق العوامات وسباق السباحة) أو اللعب بالكرة في المياه. اختاروا المكان الأفضل من حيث النظافةوالتعقيم وأيضاً وجود منقذين جيدين، ولا تنسوا إتباع تعليمات السلامة وتعليمها لأطفالكم لضمان نشاط آمن وممتع.
- الزراعة: هذا النشاط فرصة الأطفال للاتصال بالطبيعة وفهم دورهم في الحفاظ عليها، كما يعلمهم قيمة العمل الجاد والاهتمام بالنباتات، بالإضافة لتعلم التحلي بالصبر والاستمرار بالعمل حتى يحققوا النتائج المرجوة، كما أنه نشاط تعليمي عن كيفية الزراعة وأنواع النباتات المختلفة والاعتناء بكل نبات حسب حاجته.من الجيد زراعة نباتات سريعة النمو نسبياً ولا تحتاج إلى عناية كبيرة أكثر من الري وذلك لتفادي الملل لدي الأطفال ، مع الانتباه لأنواع النباتات المزروعة التي قد تكون سامة للإنسان أو حتى للحيوانات الأليفة في حال وجودها ، سيساعدكم هذا الموقع المختص بكل ما تحتاج معرفته عن النباتات من أنواعها من حيث السمية لأساليب العناية والكثير من المعلومات القيمة. يمكنكم زراعة نباتات زينة (بيكونيا وبلسم هاويكيري أو فم السمكة) أو زراعة فواكه وخضار ( كالطماطم والفراولة والبقدونس).
الأنشطة الصيفية الخارجية دون وجود الوالدين:
هناك كثير من الأنشطة الصيفية الخارجية التي يمكن أن ينفذها أطفالك بمفردهم هذه الأنشطة تختلف تبعاً لعمر طفلك و هواياته و شخصيته وبما أن الأهل غير موجودين لذلك يجب اختيارها بعناية لضمان سلامة وسعادة طفلك.
- يمكن القيام برياضات مختلفة جماعية أو فردية من الأفضل إشراك الطفل في اختيارها إذ يُنمّى لديه القدرة على اتخاذ القرار وتحمل مسؤولية قرارته.مع العلم أن لكلا الرياضات مميزات ، فالرياضة الجماعية ( كرة القدم وكرة السلة وكرة الطائرة وكرة اليد …) تقوي مهارات التواصل وتعزز روح التعاون عند الطفل كما أنها تعلمه التحكم بشعوره وضبط نفسه .كما أن الرياضات الفردية ( ألعاب القوى ، الجمباز ، الكاراتيه ، الإسكواش والتنس) تُكسب طفلك زيادة التركيز وتطوير مهارة التخطيط كما تساعده على الإعتماد على الذات بشكل أكبر. هذه الرياضات يُفضل إختيارها تبعاً لعمر طفلك وبنيته الجسدية ، فمثلاً طفلك بعمر الثلاث سنوات لا يمكنه رفع الأثقال فهي خطيرة ومجهدة له خاصة أنه في مرحلة بناء عضلي .
- المراكز التعليمية: تعد من الخيارات الجيدة حيث أنها تجمع بين المتعة والتعليم ، يمكنك اختيارها بحسب موهبة و رغبة طفلك كإختيار الموسيقى ، الرسم ، التمثيل أو حتى الشعر والخطابة وغيرها الكثير من أنواع النشاطات المتوفرة في المراكز التعليمية ، جميعها نشاطات مفيدة ولكن قد ينفر منها بعض الأطفال إذا كانت البيئة التعليمية غير ممتعة أو حتى بسبب إلزام المدربين الطلاب بالحضور بطرق غير جيدة ، لذلك يجب إختيار المركز بدقة لضمان استمتاع طفلك بالنشاط وبالأشخاص المحيطين به وضمان حصوله على المعرفة الكافية لكي لا يذهب وقته هباءً منثوراً.
- الورش الفنية : نشاط ممتع وفريد في نوعه لما يحتويه على عدة خيارات كالنحت ، والأعمال اليدوية ، الرسم ، و الزخرفة حيث هذه الورش تسهم باكتشاف القدرات الإبداعية للطفل ثم إنَّها تعلمه ما لا يتعلمه من المدرسة أو حتى المنزل ، ضمن جو تفاعلي بين الأطفال فيه القليل من التنافسية .
الأنشطة الصيفية الداخلية للأطفال:
قد تحتاجين في معظم الوقت لإلزام أطفالك بالبقاء داخل المنزل بسبب الحرارة المرتفعة ، لذا يجب أن يرغبوا في البقاء في المنزل والاستماع بذلك ، هنالك العديد من الأنشطة الصيفية الداخلية التي قد تكون مع الأهل مثل:
- التجارب المنزلية: تجمع العائلة بطريقة ممتعة وحماسية حيث أن الجميع يترقب النتيجة من هذه التجربة كما أنها تعلم الأطفال الخصائص الكيميائية و الفيزيائية بطريقة ممتعة وسهلة، يفضل أن تتم بإشراف الأهل لتفادي المخاطر من حيث الأدوات المستخدمة أو حتى النتائج المترتبة من هذه التجارب. يمكن تجربة صنع سحابة المطر ، رجل الثلج من النشاء ، أو ذوبان الجليد ، تجربة انتقال الصوت، و تجربة قوس قزح ، هذه التجارب ستجعلهم يبحرون في عالم العلوم بأمتع الوسائل.
- ألعاب البطاقات : هذه الألعاب ذات الأجواء التنافسية تفي بالغرض لإبقاء الأطفال في المنزل وتعزيز التعاون بين العائلة حيث أن كل فريق سيتشارك مع بعضه للتغلب على الفريق الآخر. يوجد العديد من هذه الألعاب مثل (أونو، صفقة الاحتكار ،لا لاما) .
- الخدع السحرية : يمكنك تعلّم بعض الخدع السحرية البسيطة ، واستعراضها أمام أطفالك ستخلق حالة من المتعة والترقب لديهم ، هذه الخدع تنمي مهارات التحليل وزيادة التركيز والانتباه كما أنها تنمي التفكير الخلاق ، يمكنك تعليمهم إياها بعد الاستعراض لأنها تطور المهارات الحركية لتنفذيها ثم إنَّها تعزز الثقة بالنفس عند نجاحها بالإضافة لمهارات التواصل الاجتماعي التي تنجم عن تفاعلهم مع الغير أثناء استعراضها.
بالإضافة للأنشطة الصيفية الداخلية دون وجود الأهل:
- اللعب بالأجهزة المحمولة : يمكنك استخدام هذه الأجهزة ولكن بعد تحميل تطبيقات لمراقبة الجهاز المحمول الخاص بطفلك لضمان الاستخدام الآمن والوقت المحدد ، يمكن استخدام موقع ( بوكي poki) يحوي العديد من الألعاب المجانية الممتعة ، او متابعة منصة ( Ted talks for kids ) التي تقدم محاضرات قصيرة وملهمة للأطفال ، أو( National Geographic Kids) إذ يقدم محتوى تعليمي وممتع عن الحيوانات والتاريخ بالإضافة للعلوم.
- ألعاب البناء : لعبة الليغو أفضل لعبة بناء فهي تحسن المهارات الحركية وتطور مهارة حل المشكلات وتشجعهم على الابداع واستخدام مخيلتهم لبناء أشكال جديدة، لكن يجب الانتباه في حال وجود طفل صغير عدم اللعب بهذه اللعبة فهي تحوي على قطع صغيرة قد يبتلعها ويتعرض لأذى.
- منصة جوجل للثقافة والفنون : منصة تعليمية وترفيهية ، حيث أن قضاء الوقت على هذه المنصة سيزهر بعقول أبنائك أفضل المعلومات ، يمكن تجربة المعارض الافتراضية في هذه المنصة إنها تجربة فائقة المتعة والجمال سيحبها الأطفال ، من الأفضل أن يكون عمر طفلك من السابعة حتى الرابعة عشرة لكي يعي ما يراه على هذه المنصة.
كيفية تنظيم الوقت للأنشطة الصيفية بأفكار مبسطة وسهلة التنفيذ :
كما ذكرنا سابقاً عن هذه الأنشطة الصيفية للأطفال جيدة وتعتبر مناسبة لأغلب الظروف العائلية ، ولكن لتحقيق الاستفادة المثلى من هذه النشاطات يجب تنظيمها مع كافة احتياجات الطفل اليومية من طعام وراحة ونوم ، كما أن تنظيم النشاطات مع يوم طفلك ستعلمه مهارة إدارة الوقت وتحديد أولوياته ، وهي واحدة من أهم المهارات الحياتية للإنسان .
فمثلاً يمكن التنظيم على الشكل الآتي :
- في الصباح: وقت تناول الإفطار ، والقيام ببعض الأنشطة الخارجية كالذهاب إلى المسبح ” بفرض أن هذا الوقت يناسب الوالدين” أو الإلتزام بالمراكز التعليمية والورش الفنية.
- الظهر: تناول الغداء ، ثم الراحة ، كما يمكن بعد ذلك القيام بالأنشطة الهادئة مثل لعب الليغو أو استخدام الأجهزة الإلكترونية كما ذكرنا سابقاً.
- بعد الظهر: قضاء وقت بالخروج زيارات ميدانية أو القيام بالرياضات على حسب ما ذكرنا عنها في هذه المقالة.
- المساء: وقت الأنشطة العائلية والاسترخاء قبل النوم ، حيث يمكن مشاهدة الأفلام العائلية المناسبة أو قراءة بعض القصص الممتعة .
- هذا المخطط مجرد مثال يمكن تغيره تبعاً لأوقات العمل والفراغ وأيضاً لرغبة الطفل في وقت تأدية هذه النشاطات ، وبالطبع تبعاً لحالة الطقس حيث لا يجب أن يتعرض أطفالك لأشعة الشمس الحارّة بكثرة.
وهكذا، مع غروب شمس الصيف الأخيرة، نغلق فصلاً مليئًا بالمغامرات والاكتشافات. الأنشطة التي استمتع بها أطفالنا لم تكن مجرد تسلية، بل كانت دروسًا في الحياة تعلموا من خلالها القيم والمهارات التي سترافقهم طوال حياتهم. دعونا نتطلع إلى العام القادم بأمل وحماس لما يحمله من فرص جديدة للنمو والتعلم.
هل تتذكر أجمل ذكرى صيفية من طفولتك؟ شاركنا إياها !
التعليقات 0
اضف تعليق