لا يكتمل الاحتفال بالأعياد في العالمين العربي والإسلامي دون تناول كعك العيد الذي يعد خصيصًا لهذه المناسبة. إذ يعد كعك العيد جزءًا لا يتجزأ من تقاليد الاحتفال، حيث يمثل رمز من رموز الفرح والتواصل الاجتماعي بين الأهل والأصدقاء.
في هذه المقالة، سنستعرض كيف ارتبط العيد بالكعك و الحلويات بالعيد سواء بعيد الأضحى المبارك أو بعيد الفطر السعيد.
ما هو كعك العيد؟
كعك العيد هو نوع من الحلوى التقليدية التي يتم تحضيرها وتناولها خلال الأعياد والمناسبات الدينية في العديد من الثقافات. يتميز هذا الكعك بنكهته الفريدة وشكله المميز، وغالبًا ما يكون محشوًا بالتمر أو المكسرات أو العجوة.
كيف بدأ كعك العيد؟
تعود أصول كعك العيد إلى مصر القديمة، حيث كان الفراعنة يصنعونه للاحتفال بالمناسبات الدينية والاجتماعية. كانوا يستخدمون مكونات بسيطة مثل الدقيق والعسل، ويقومون بنقشه بأشكال رمزية تعبر عن الفرح والاحتفال.
لماذا ارتبط الكعك بالعيد؟ وكيف بدأت هذه العادة؟
ارتبط الكعك بالعيد منذ العصور القديمة، حيث كان يُعد نوعًا من الحلوى التي تُحضَّر للاحتفال بالمناسبات الدينية والاجتماعية. تعود بدابات كعك العيد إلى المصريين القدماء ، حيث كان الفراعنة يعدون الكعك في الاحتفالات الدينية لتقديمه كقرابين للآلهة. كان الفراعنة يستخدمون مكونات بسيطة مثل الدقيق والعسل لصنع الكعك، وكانوا ينقشونه بأشكال رمزية تعبر عن الفرح والاحتفال.
مع مرور الزمن، تطورت وصفات كعك العيد لتشمل مكونات ونكهات متنوعة. في العصر الإسلامي، انتشر كعك العيد في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي، حيث أضافت كل منطقة لمستها الخاصة. في مصر، يُعرف بالكعك المحشو بالتمر أو العجوة، بينما في دول الشام، يُحشى بالفستق والجوز.
في عصر المصريين القدماء
كانت البداية الحقيقية لظهور كعك العيد منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة تحديدا أيام الفراعنة القدماء، فقد اعتادت زوجات الملوك على تقديم الكعك للكهنة القائمين على حراسة الهرم خوفو في يوم تعامد الشمس على حجرة خوفو، وكان الخبَّازون في البلاط الفرعوني يتقنون صنعه بأشكال مختلفة مثل: اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير، ووصلت أشكاله إلى 100 شكل نُقشت بأشكال متعددة على مقبرة الوزير “رخميرع” من الأسرة الثامنة عشرة بالأقصر، وكان يُسمى بالقُرص حيث كانوا يشكلون الكعك على شكل أقراص تميمة الإلهة ( ست ) كما وردت في أسطورة إيزيس وايزوريس ، وهي من التمائم السحرية التي تفتح للميت أبواب الجنة ، وكانوا يتقنون في تشكيله بمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية كما كان البعض يصنعه على شكل حيوانات أو أوراق الشجر والزهور ، وكانوا يرسمون على الكعك صورة الشمس الإله رع، ما يؤكد أن صناعة الكعك امتداد للتقاليد الموروثة فهو لايزال على نفس هيئته حتى الآن.
واكتشفت صور لصناعة كعك العيد تفصيليًا في مقابر طيبة ومنف ، التى تشرح أن عسل النحل كان يخلط بالسمن ، ويقلب على النار ثم يضاف على الدقيق ويقلب حتى يتحول إلى عجينة يسهل تشكيلها بالأشكال التي يريدونها ، ثم يرص على ألواح الإردواز ،ويوضع في الأفران كما كانت بعض الأنواع تقلى في السمن أو الزيت، وأحيانا كانوا يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف (العجوة) ، أو التين ويزخرفونه بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب.
في العهد الإخشيدي
أما في عهد الدولة الإخشيدية كان أبو بكر محمد بن علي المادراني وزير الدولة الإخشيدية يصنع كعكا في أحد أعياد الفطر ، وحشاه بالدنانير الذهبية ، وأطلقوا عليه وقتئذ اسم ” أفطن إليه” أي انتبه للمفاجأة التي فيه،
ولكن تم تحريف الاسم إلى “انطونلة” ، وتعتبر كعكة “أنطونلة” أشهر كعكة ظهرت في هذا الوقت وكانت تقدم في دار الفقراء على مائدة (200 متر وعرضها 7 أمتار ) يعود الكعك إلى الدولة الطولونية، فكانت تصنع في قوالب منقوشة عليها عبارة “كل واشكر”.
ومن النوادر التي شاع ذكرها في هذا الأمر كعك الوزير أبو بكر المادراني الذي تقلَّد عدداً من المناصب المهمة بين الدولتين الطولونية والإخشيدية، ووصفه المقريزي بقوله «تغلب عليه محبة الملك وطلب السيا
دة»، وقد اشتهر بالثراء العريض والكرم وأعمال البر والإحسان، ونجح في توظيف ذلك في الإعلام عن نفسه وكسب الشهرة والثناء، فيذكر المقريزي أنه كان يصنع نوعاً خاصاً من الكعك المحشو بالسكر ويسميه “أفطن له” أى انتبه لأنه كان يضع به دنانير من الذهب. وكانت العادة أن يحشوه بالفستق والسكر والمسك، ثم جعل مكان ذلك قطع الذهب في أكثرية الكعك، فإذا جاء حظ بعض الآكلين أنه وقعت في يده كعكة محشوة بالذهب قام أستاذ السماط بالتنبيه عليه قبل أن يأكل قائلاً: “أفطن له” وكان من العادة أن يخرج بعض الآكلين بحصيلة من الذهب تغنيه، وكان المادراني يتعمد أن يجعل الكعك المحشو بالذهب موضوعاً في أطباق معروفة حتى يتناولها الضيوف، فإذا أشار أستاذ السماط إلى كعكة في طبق بأن “أفطن له” عرف الضيوف أن كل الأطباق المماثلة تحتوى الكعك الذهبي، فاختطفوه. ويتحول الحفل إلى مرح وهرج ومرج، فالضيوف يخرج كل منهم من فمه الذهب ويأكل الكعك ويضع الذهب في جيبه.
في العهد الفاطمي
كان الفاطميون يفتنون في صنع كعك العيد والحلوى ابتهاجاً بعيد الفطر وكانوا يمدون الولائم في ليالي العيد.. ويصف لنا أحد المؤرخين أن المائدة كانت 200 ذراع طولاً في عرض سبعة أذرع كان يوضع عليها أنواع الكعك التي صنعت في دار الفطرة، فإذا صلى الخليفة الفاطمي الفجر وقف في شباك القصر وأمر بدخول العامة فيدخل الناس ويتخاطفون كعك العيد ويحملونه إلى دورهم، فإذا خرج الخليفة لصلاة العيد ركب في موكبه ثم يذهب بعد الصلاة إلى قاعة الذهب حيث أعدت له مائدة من الفضة يقال لها “المدورة” وعليها أواني الفضة والذهب التي تحمل الأطعمة المختلفة، وفي نفس الوقت كان يمد السماط الكبير، وهو من خشب مدهون مزين بالأزهار والورود ليتناول خاصة الخليفة الطعام، وعلى هذه المائدة ترص الأطعمة بطريقة خاصة في صحون يبلغ عددها 500 صحن.
هل تعلم ما هو ابن دقيق العيد ؟
كانت توضع أصناف كعك العيد المختلفة على صوان أو أطباق من الذهب الخالص للخاصة أو من الفضة للعامة مع ما كان يحمل إليهم من ثياب وحلي. فلا غرابة إذن أن كان الشعب في العصر الفاطمي يفرح بالعيد ويبتهج بقدومه ابتهاجاً لا مزيد عليه. ويظهر أن المصريين كانوا يختارون دقيقاً خاصاً يصنعون به الكعك حتى أنهم أطلقوا على القاضي القشيري عندما رأوه يلبس طيلساناً أبيض لقب “دقيق العيد” وعرفت أسرته بأسرة “ابن دقيق العيد” نسبة لذلك.
أنواع كعك العيد في أيامنا:
1. كعك العيد التقليدي:
يُعتبر من أشهر أنواع كعك العيد، حيث يتميز بنكهته اللذيذة والمميزة بفضل استخدام التوابل مثل الهال والقرفة. يتم تزيينه بحبوب السمسم أو الفستق.
2. كعك العيد بالمكسرات:
يتميز هذا النوع بإضافة المكسرات مثل اللوز أو الجوز إلى العجين، مما يضفي نكهة مميزة وقوامًا مختلفًا.
3. كعك العيد بالتمر:
يعتبر من الأصناف الشهيرة والمحببة، حيث يتم إضافة التمر إلى العجين لإعطاء الكعك طعمًا حلوًا ومميزًا.
4. كعك العيد بالشوكولاتة:
هذا النوع من الكعك يُعد حديثًا ومبتكرًا، حيث يتم إضافة شرائح الشوكولاتة أو قطع الشوكولاتة إلى العجين ليحصل الكعك على نكهة الشوكولاتة الغنية.
5. كعك العيد بالفستق:
يُعتبر من الأصناف الفاخرة، حيث يُضاف الفستق المجروش أو المحمص إلى العجين، مما يمنح الكعك طعمًا وقوامًا فريدًا.
6. كعك العيد المحشو:
هذا النوع من الكعك يأتي بحشوات متنوعة مثل البندق أو الجوز أو التمر، مما يضفي عليه طعمًا وقوامًا لذيذين.
7. كعك العيد العصري:
هذا النوع يأتي بأشكال وديكورات مبتكرة وملونة، مما يجعله جذابًا للأطفال والشباب، ويمكن تزيينه بالشوكولاتة أو الحلويات الصغيرة.
لماذا أصبح الكعك رمزًا للاحتفال؟
على مر العصور، أصبح الكعك جزءًا أساسيًا من احتفالات العيد لعدة أسباب:
-
الرمزية الدينية: في العديد من الثقافات، يُعتبر الكعك رمزًا للتقرب من الله والشكر على النعم. في الإسلام، يُعد تحضير الكعك وتناوله جزءًا من الاحتفال بعيد الفطر وعيد الأضحى، حيث يُعتبر ذلك تعبيرًا عن الفرح والشكر.
- التواصل الاجتماعي: يُحضَّر الكعك عادةً في المنازل بمشاركة جميع أفراد العائلة. هذا النشاط يُعزز الروابط الأسرية ويجمع العائلة حول مائدة واحدة، مما يعزز الشعور بالانتماء والتواصل.
- التقاليد الثقافية: تحضير الكعك يُعتبر تقليدًا موروثًا تتناقله الأجيال. كل منطقة تضيف لمستها الخاصة لوصفة الكعك، مما يجعله جزءًا من الهوية الثقافية لتلك المنطقة.
ارتبط الكعك بالعيد نتيجة لتاريخ طويل من التقاليد الدينية والثقافية والاجتماعية. يمثل الكعك جزءًا من الهوية الثقافية للمجتمعات، ويعكس قيم الفرح والشكر والتواصل الاجتماعي. من خلال تحضيره وتناوله في الأعياد، نحافظ على تقاليد أجدادنا وننقلها إلى الأجيال القادمة، مما يعزز الشعور بالانتماء والتواصل بين الناس.
التعليقات 0
اضف تعليق