كنت أتمنى دائمًا ومن كل قلبي أن تنقلب بنا السيارة قبل الوصول إلى مكان الامتحان، لم أكن أعلم شيئًا عن القلق من الامتحان حينها، كما لم أدرك أن الحادث لن يلغي الامتحان بل سيؤجله فقط ويمنحني وقتًا أكبر للقلق والتوتر
هل تمنيت ذلك يومًا؟ على الأغلب نعم، إذ يشعر غالبية الطلاب بالتوتر والقلق من الامتحان بسبب الضغوط التي يخضعون لها والآمال التي يعلقونها على الدرجة النهائية
هذا شعور طبيعي وله فوائد أيضًا لكن القلق من الامتحان قد يصبح مشكلة كبيرة وقد يعيق إنجازك ونجاحك إن لم تتعلم التعامل معه والتحكم به بالطرق الصحيحة
ستتعرف في هذا المقال على مفهوم القلق من الامتحان وأعراضه وخمسة تمارين فعالة تساعدك في التخفيف منه، وستكتشف فوائده التي لا يعترف بها أحد وكيفية التعامل معه والتغلب عليه.
مفهوم القلق من الامتحان
القلق من الامتحان هو حالة انفعالية (خوف شديد) غير ملائمة تسبب فقدان الفرد لقدرته على التحكم بنفسه وبإمكاناته، وتمنعه من مواجهة المواقف الصعبة بطرق جيدة وفعالة فيصبح غير قادر على إيجاد حلول لها
ينتشر هذا النوع من القلق بين الدارسين والطلاب في مختلف المراحل، وهو أحد أشكال المخاوف التي تحتاج إرشاد وحتى علاج في بعض الحالات، فقد يكون القلق بدرجة مرتفعة من التوتر والعصبية وهذا ينعكس سلبًا على أداء الطالب وبالتالي على نتيجة امتحانه.
تأثير القلق أثناء الامتحان
من الطبيعي أن تشعر بالقليل من القلق من الامتحان، خاصة إذا كنت تخضع لضغط من المدرسة أو الأهل، فالقلق أثناء الامتحان يؤثر على عدة جوانب وهي:
- المشاعر: قد تشعر بالتوتر، والحزن والغضب.
- التصرفات والسلوك: يقد تميل إلى البكاء والشجار والعزلة.
- الجسد: قد تعاني التعب والتغيير في الشهية أو الآلام الجسدية غير المفسرة أو اضطراب في النوم.
- الأفكار: قد تراودك أفكار سلبية وبشكل متكرر (لن استطيع، هذا صعب..).
- التركيز والذاكرة: فقد يؤثر القلق المفرط بشكل سلبي على القدرة على استرجاع المعلومات
ما أعراض قلق الامتحانات
قد تظهر على الطالب بعض من أعراض القلق من الامتحان symptoms of test anxiety الآتية:
- الشعور بالخوف والقلق والغضب وسرعة الانفعال أو الإحباط.
- البكاء المفرط ونوبات الغضب
- الجمود أو عدم المشاركة بالأنشطة.
- التشبث بمقدم الرعاية (الأهل) والمعلم.
- الخوف من الكلام، حيث يتجنب الحديث خوفًا من التلعثم.
- الملل.
- الإصابة بالإحباط بسهولة، إذ يفقد الرغبة بالدراسة عند أول مسألة صعبة
- الرغبة بتصحيح كل شيء بحيث يستغرق وقتًا طويلًا لإنهاء عمله.
- رفض البدء بالمهمة خوفاً من عدم القدرة على تنفيذها بطريقة صحيحة.
- تجنب المدرسة خوفاً من الإحراج أو الفشل.
- التأخر الدراسي بسبب الغياب المتكرر.
- أعراض جسدية كضيق الصدر وآلام المعدة والصداع وضيق التنفس والتعرق.
كيف أتغلب على القلق الامتحاني
هل تحلم بيوم تلغى فيه الامتحانات؟ قد يحدث هذا في المستقبل ولكن حتى ذلك الحين دعنا نتعلم التعامل مع القلق الامتحاني ونجعله يعمل لصالحك، فهناك الكثير مما يمكنك القيام به:
- أخبر صديقك المقرب أو أحد أفراد أسرتك أو شخصًا موثوقًا ولطيفًا بأنك تعاني من مشاعر القلق بسبب الامتحان، وهذا يفسح لهم المجال ليقدموا لك الدعم.
- اطلب المساعدة بالأمور العملية التي قد تخفف من قلق الامتحان لديك مثل المساعدة في تنظيم جدول مهام وأجندة يومية يمكنك الالتزام بها.
- كن لطيفًا مع نفسك؛ فكر في النجاحات التي حققتها في حياتك حتى الآن وحاول أن تسجل قائمة بالأمور التي تعجبك بنفسك.
- ضع في حسبانك أن الامتحان قد ينقلك إلى مستوى عالٍ خلال رحلتك الأكاديمية لكن علاماتك ليست المعيار الوحيد للنجاح.
- ضع أهدافاً بعيدة المدى وحاول التركيز عليها كلما كان ذلك ممكنا وبشكل يومي.
- حاول الحصول على قسط واف من النوم يومياً.
- خفف من الوجبات السريعة والوجبات عالية السكر فهي تقلل التركيز
- تعلم بعض التمارين المفيدة واحرص على ممارستها باستمرار.
تمارين فعالة للتخلص من القلق
في حال كان الضغط الذي تشعر به شديدًا ومعيقًا لعملية الدراسة، فعليك مراجعة الشخص الاختصاصي في مجال الصحة النفسية والمجتمعية أو المرشد النفسي المتاح لتحصل على الدعم المناسب.
لكن في الأحوال العادية يمكنك تعلم بعض التمارين الفعالة في تخفيف القلق من الامتحان والتركيز في الدراسة ومنها:
تمرين التنفس البطيء والعميق
تمرين التنفس بسيط للغاية ولكنه شديد التأثير على الحالة النفسية فهو يساعدك على الاسترخاء والهدوء ويمكنك تطبيقه داخل قاعة الامتحان إن احتجت لذلك، كما يمكنك تكراره قدر ما تحتاج إلى أن تستعيد هدوءك وتركيزك
أغلق فمك واسحب نفسك من الأنف مع العد من الواحد إلى الخمسة ثم احبس النفس وابدأ العد من واحد إلى ثلاثة ثم أخرج الزفير على ثلاث دفعات وببطء وكأنك تطفئ شمعة.
تمرين التخيل
هذا التمرين يساعدك على تخفيف التوتر والقلق من الامتحان فهو يجعلك تعيش سعادة تحقيق حلمك ولو لدقائق ويشحنك بالحماس والعزيمة للعمل الجاد،
كل ما عليك فعله هو أن تغمض عينيك وتتخيل نفسك وقد حصلت على العلامة العالية التي كنت تحلم بها، ركز على شعور النجاح وتخيل كيف امتلأ البيت بالفرح والاحتفالات بإنجازك الرائع، تخيل نفسك وأنت تجيب على اتصالات التهنئة من الأقرباء والأصدقاء بكل فخر وسعادة، عش تلك اللحظات وكأنها تحدث الآن ثم افتح عينيك.
تمرين التنفس والتحكم بالمخ
هذا التمرين يبرمج مخك على بداية هادئة ويبعده عن فكرة القلق من الامتحان، حاول تطبيقه عندما تدخل إلى قاعة الامتحان واعمل على جذب انتباه مخك إلى التفكير الإيجابي من أول لحظة
ركز على التنفس إذ يجب أن يكون الزفير أطول من الشهيق فالمخ يحتفظ بالتجربة الأخيرة له وحين يعود إليها يجدها مليئة بالأكسجين فيتغذى عليه ويحافظ على أداء ممتاز وحين تقوم بذلك ابدأ بكتابة ما تعرفه من معلومات.
تمرين التركيز في اللحظة
هذا الامتحان أمر في المستقبل حتى لو كان بعد ساعة فهو ما يزال في المستقبل، لماذا إذًا تفكر فيه! درب نفسك على عدم التفكير فيه وتأكد أنك لو فكرت فيه بقلق فسيسبب لك المزيد من القلق والمشاكل ويمنعك من التركيز
تذكر أن قرار التفكير بيدك و التفكير السلبي والتوتر لن يجعل الامتحان يتأخر ولن يساعدك على الدراسة بل سيعرقلك ويدمر نفسيتك
كل ما عليك فعله لتنفيذ التمرين هو التحدث إلى نفسك عن ما يمكنك فعله الآن، فأنت في الوقت الحاضر تجلس وكتابك أمامك ومهمتك الوحيدة هي الدراسة والحفظ، اتخذ قرارًا حاسمًا والتزم بإنجازها.
تمرين تغيير النيّة من الدراسة
في هذا التمرين اسأل نفسك لماذا تدرس هذا الكتاب، وغيّر نيتك من نية تقديم امتحان إلى نية فهم واستيعاب هذه المعلومات، حاول أن تعرف هدف المؤلف من تأليف الكتاب ولماذا اختير هذا الكتاب ليكون في منهاج الدراسة
هذه المحادثة مع نفسك تغير اتجاه تفكيرك وتخفف القلق من الامتحان وتزيد مستوى استيعاب المعلومات وبالنتيجة تقلل الوقت اللازم للدراسة والفهم
تذكر دائمًا أن ذاكرتك خرافية ويمكنها تخزين معلومات أكثر بكثير مما يوجد في كتب المنهاج المطلوبة، لا تهملها وابدأ استخدامها حالًا فهي كالعضلات تحتاج تدريبًا مستمرًا
نصائح للدراسة الفعالة:
إن كنت تعاني من أعراض القلق من الامتحان، فلا تقلق فأنت لست وحدك، هناك الكثيرون ممن يعانون مثلك وقد يكون السبب في ذلك عدم تنظيم عملية الدراسة لذا إليك بعض النصائح الفعالة للدراسة:
- نظَم جدولًا للمهام التي يمكنك الالتزام بها يومياً.
- حاول تقسيم المادة الى وحدات صغيرة موزعة على جدول يومي.
- كن واقعياً حول ما يمكنك إنجازه خلال اليوم، ضع هدفًا منطقيًا يمكنك تحقيقه.
- لا تقارن نفسك بالآخرين بل ركزّ على نفسك وعلى ما يمكنك أن تنجزه.
- حدد مكانًا مريحًا وهادئًا للدراسة، ولا تستخف بهذه العملية لتخفيف القلق من الامتحان.
- خذ استراحات منظمة خلال اليوم واستمتع بها, وإن شعرت بالذنب بسبب ذلك تذكر أن الاستراحات الممتعة تجدد النشاط وتحفز قدراتك الذهنية.
- أعد تقييم إنجازك الدراسي دائمًا وعدل برنامجك بناءً على ما توصلت إليه من نتائج.
- احرص على ممارسة الرياضة فالعقل السليم في الجسم السليم
كيف أساعد ابني الذي يعاني من قلق الامتحان
إن أهم ما تفعله لمساندة ابنك والتخفيف من مشاعر القلق من الامتحان هو أن تكون حاضرًا لمساعدته دائمًا، وتتابع ما يمر به من تغييرات في السلوك أو المزاج وأن تتقبل ما يصدر منه من تصرفات غريبة قد تكون مزعجة أحيانًا
كما يجب أن تؤكد له باستمرار أن التركيز ليس على العلامة بحد ذاتها بل على عملية التعلم وأن تحاول اكتشاف نقاط قوته واهتماماته وتعزز ثقته بنفسه في أوقات الامتحان.
يمكنك مساعدة ابنك بما يلي:
- ساعده في تنظيم برنامج دراسي يراعي روتينه المعتاد.
- ساعده على مراجعة دروسه دون الافراط في الإشراف والرقابة.
- ساعده على بناء حيز خاص به للدراسة وشجع باقي أفراد الأسرة على تفهم هذه الخصوصية.
- حاول طمأنته وأخبره أن كل شيء سيكون جيدًا، وادعمه عاطفيًا
- أخبره أن القلق من الامتحان تجربة طبيعية يمر بها الجميع.
- شجعه على القيام بالنشاطات التي يحبها والتي كان يقوم بها قبل الامتحان.
- خصص وقتًا للتحدث معه عما يود القيام به بعد انتهاء الامتحان.
- احرص على حصوله على قسط واف من النوم كل ليلة.
- اخرج للتنزه معه في وقت الاستراحة لإبقائه نشيطًا
- وفر وجبات صحية قدر الإمكان للحفاظ على الطاقة والنشاط.
- تحدث معه واسمح له بالتعبير عن مشاعره.
فائدة القلق من الامتحان
هل تعلم أن الامتحان هو معلم أخرس! وهذا القلق منه هو استجابة طبيعية للضغط وهو شعور طبيعي بل إن له عدة جوانب مفيدة أيضًا ومنها:
- يجعلك القلق أكثر إبداعًا وابتكارًا
- القلق من الامتحان جهاز إنذار يحذرك عندما تتكاسل ويساعدك على التركيز أثناء الدراسة
- يفعَل رغبتك في الحصول على المكافأة فيدفعك نحو الانضباط والالتزام بالجدول الدراسي
- يحفزك لإنجاز مهامك في الوقت المحدد وهذا ما يسهم في نجاحك في الدراسة والحياة الشخصية
تذكر دائمًا أنك أكثر شجاعةً مما تعتقد وأقوى مما تبدو عليه وأذكى بكثير مما تظن
وأخيرًا، من المؤكد أن النجاح والتحصيل العلمي قد يمر بفترات متقلبة ومتأرجحة, لكن الرغبة في التطور والتقدم باستمرار تحول الانتكاسات المؤقتة إلى نقاط قوة قد يبدأ نجاحك منها، تذكر نقاط قوتك وبأن لديك الكثير من القدرات والكفاءات التي يمكنك الاعتماد عليها لتحقيق أفضل الأهداف في المستقبل
لا تنس أن التحصيل العلمي هو أحد جوانب الحياة وليس كل الحياة، ولذلك فإن قبول إمكانياتك وتوفير الظروف لتوظيفها من أهم الأمور التي تخفف القلق من الامتحان وتحقق التقدم والنجاح وتدعم الصحة النفسية.
وكي تكون قادرًا على الاستمتاع بتجاربك المتنوعة مهما كانت النتائج؛ حاول أن تتقبل حقيقة أن الانسان قد ينجح نجاحًا مبهرًا ويتميز حتى لو لم تكن علاماته جيدة
حاول تطبيق تلك النصائح والتمارين فهي مضمونة النتائج وقد كان لها أثر عظيم على من اتبعوها التزم بها وابذل جهدك وستحقق أهدافك بالتأكيد
التعليقات 0
اضف تعليق