في حال تم سؤال أحد الناجحين عن سبب نجاحه بحياته سوف نجد مزيج من أفضل القرارات المتخذة بحياته وهذا أدى لحاله الآن.
من المؤكد أن ملكة اتخاذ أفضل القرارات هي شيء يحدده الخبرة ونمط الشخصية لكن يمكننا من خلال اكتساب معرفة بمراحل اتخاذ القرار؛ من مفسدات القرار التي تكون متجذرة بالشخصية قبل اتخاذ القرار
إلى أساليب الاختيار واتخاذ القرار وصولا لنصائح بعد اتخاذ القرار.
هذا كله يدعمنا ويشكل بنية تحتية من أدوات وأساليب عملية تمكننا من اتخاذ أفضل القرارات بحياتنا.
لن تتمكن بهذه الأدوات من تحسين نمط حياتك فقط وإنما تقليل التوتر وإعطاء الوقت اللازم لاتخاذ القرار بدون الإفراط بالتفكير والضياع النفسي والتسويف.
مفسدات أفضل القرارات:
إن راجعت ملف حياتك وعلى وجه الخصوص أوقات اتخاذ القرارات تجد أن عملية اتخاذ القرار ليست عملية منظقية بالكامل، وليست سليمة من الشوائب والعواطف؛ بل مليئة بالمعكرات والمفسدات التي من شأنها أن تؤثر على جودة القرار وحتى على عقلانيته.
من هذه المفسدات:
المشاعر:
إن العواطف هي محركات جبارة لعملية صنع القرار بل هي جرافة غير مرئية تسحب قراراتنا لأماكن لم تكن بحسبان الواحد فينا.
من أهم الأمثلة لتأثير المشاعر على قراراتنا:
- الخوف: إن الخوف في كثير من الأحيان يجعلنا في حالة من الانفعال والاندفاع بسبب رغبتنا في حماية أنفسنا من عاقبة معينة أو ألم معين؛ كالموظف الذي صار بمقدوره البدء بمشروع يكسبه أضعاف راتبه لكن بسبب الخوف من هذه الخطوة تجده يسوف باتخاذ القرار أو لا يأخذه من الأصل.
- الإيجابية والسلبية: هناك مقولة تقول لا تتخذ القرار وأنت في غاية السعادة وكذلك وأنت في غاية الحزن لأنه إما ستكون مندفع بشكل سلبي(في حالة الفرح) أو ستكون في حالة من التحفظ وحتى العزوف عن قرار معين(في حال الحزن).
بالمجمل ننصح ب:
- تجنب اتخاذ القرار بوقت تأجج المشاعر حيث يكون التفكير العقلاني محجوب وغير واضح أمام العواطف المتقدة.
- أن يتحلى الشخص بالتوازن بين العواطف الذي يشعر بها وبين المنطق العقلاني لاتخاذ أي قرار وهذا نسميته بالذكاء العاطفي.
فخ الحل الوسط:
عندما نحتار بين سلعتين مختلفتين بالسعر والجودة نجد الحل الأمثل بالبحث عن سلعة وسط بين الجودة والسعر متغافلين أننا خسرنا بهذه الطريقة التباين والاختلاف بالحلول فنحن اخترنا حلول من جنس واحد وهذا بطبيعة الحال أقل إرهاقا لنا(بشل سلبي) كمتخذي للقرار.
عاصم عزم لأخذ يوم راحة من الريجيم الذي دام عليه شهر وكان أمام قرار أكل البيتزا المفرطة بالسعرات الحرارية أو أكل طبخ منزلي مليء بالدهون كمكافئة له على صبره لهذه المدة وكان قراره النهائي أخذ حل وسط حفاظا على نظامه الغذائي بأكل بيتزا حجم وسط.
نجد أنه رغم أنه حل وسط لكن لم يكن الحل الأمثل اقتراحنا هوة أن يبحث عن حل فيه تباين واختلاف مثلا سفر بهذا اليوم مع أصدائه أو شراء ما يحبه من لبس مثلاً كحل فيه تباين ولا يؤثر سلبا على نظامه الغذائي.
الانحياز التوكيدي:
هي ظاهرة معرفية تعكس تفضيل الأشخاص للمعلومات التي تؤكد معتقداتهم السابقة أو آراءهم الشخصية؛
نجد هذا النوع من التفكير منتشرا بكثرة عند مشجعي الفرق الرياضية.
من الممكن أن يكون فريقهم الكروي ارتكب خطأ جسيما باللعب إلا أنهم يلقون اللوم على قرار الحكم أو حال الطقس أو عوامل خارجية ليست عوامل فعالة لخطأ أكيد؛ فقط بسبب معتقدهم السابق أنه أفضل فريق بالعالم.
وكأفضل وسيلة للتعامل مع هذا الانحياز يمكننا تبني الرأي المخالف لرأينا وندافع عنه بذلك نوسع رؤيتنا ومنظورنا لهذا الموقف ويكسبنا زاوية نظر جديدة غير موجودة لدنيا من الأساس.
السير مع القطيع يعكر صفو اتخاذ أفضل القرارات:
أو ما يسمى بالعقل الجمعي أو المطابقة الاجتماعية.
أظهرت الدراسات تغير نشاط الدماغ عند المشاركين في حال كان نيتهم اختيار قرار يتعارض مع رأي الأكثرية مما يدفع الدماغ للتكيف وتغير قرارات المشاركين ليتأقلموا مع المجموعة.
لاشك أنه اختيار قرار دراسي أو مشروع تجاري نجح عند عدد كبير من الناس هو قرار فيه ميزات كثر لكن لا تنسى أن هذه الميزات من الممكن ألا تناسب ظروفك الخاصة.
ما ينفع لغيرك ليس بالضرورة أن ينفعك.
الحدس الكاذب:
الحدس هو معرفة عفوية لا تخضع لأسس منظقية أو ما يمكن تسميته بالحاسة السادسة.
ومن المنصف اعتبارها من العوامل الحاسمة لاتخاذ القرار عند الكثيرين.
لكن علينا التأكيد أنه من ينجز هذا الاختيار هو العقل اللاواعي ويمكن الاعتماد عليه باتخاذ القرارات السريعة التي
نجد فيها التجارب السابقة بالعقل الباطن هي المحرك الرئيسي والدافع لاتخاذ هذا النوع من القرارات.
الانحياز للنجاح/ للنجاة أفضل القرارات:
هذه من أهم ما نقع فيه بالحياة، أننا بالحقيقة نجد شخص ناجح بمجال عمل بالنت مثلا وقد ترك الدراسة الجامعية فترى العشرات يبادرون بدراسة نجاحه والتفكير الجدي بترك الجامعة، آملين بتكرار هذه الحالة من النجاح؛ أرأيتم للتعبير هذه حالة نجاح واحدة وهنا يكمن المغزى هو أننا ندرس حالات الأشخاص التي نجحت ونجت من هكذا أنواع من القرار ونتجاهل حالات الفشل والتي تكون غير ظاهرة لنا في كثير من الأحيان.
وعليه لتجنب انحياز النجاح علينا الأخذ بالحسبان حالات الفشل وأخذ قرار شامل لهذه الجوانب.
نرى أن هناك العديد من مفسدات القرار التي من شأنها أن تجعل القرار الذي نتخذه هو أقل حكمة وبالمجمل أقل كفاءة لتحسين حياتنا المستقبلية.
أساليب الاختيار واتخاذ أفضل القرارات:
قلل من خياراتك:
كثرة الخيارات تؤدي لما يسمى بشلل التحليل Analysıs Paralysıs.
تجد المخ في حيرة تمنعه من اتخاذ أي إجراء بسبب العشرات من الخيارات التي أمامه، وللأسف نصادف هذا الشلل كثيراً بحياتنا الحالية.
بسبب انفتاح العالم ووجود الإنترنت الذي خلق خيارات إضافية يظنها البعض أنها تؤدي لقرارات صائبة لأنها زادت البدائل المتاحة لنا لكن بالحقيقة يحدث العكس تماما، وتجدنا في حالة من الحزن بسبب الشعور أنه فاتنا شيء باختيارنا لخيار معين وتركنا للعشرات من الخيارات.
هناك بعض النصائح:
- أن يكون هناك مبادئ واضحة بحياتك تفلتر الخيارات الموجودة أمامنا مثلاً النظام الصحي للرياضي يفلتر كل خيارات الطعام غير الصحي.
- ترتيب الأولويات.
- تبسيط الحياة.
تعجيل اتخاذ القرارات:
البعض منا يجد نفسه بدوامات من التفكير والتردد لاتخاذ قرار معين هذا بطبيعة الحال يزيد التوتر وينقص الفرص التي ستكون تمت إتاحتها لنا بعد تحديد مسار معين بالحياة.
فلذلك يجب علينا تحديد مدة قصوى لاتخاذ قرار معين وبانقضاء هذه المدة علينا اتخاذ هذا القرار على أية حال.
مرحلة ما بعد القرار:
الندم:
الندم هو عبارة عن ردة فعل نفسية تخبرنا أن نعيد النظر بقرار عسى نستطيع التغيير؛ غايتها الأولى هي حمايتنا، وجدير بالذكر أن الندم يعكر صفو النفس، ويزيد التوتر ويمنعنا من التأقلم المهم بقرارات لا يمكن التراجع عنها.
هناك بعض النصائح للتعامل مع الندم:
- القبول والرضا بالواقع الحالي.
- جعل القرار تجربة يمكن التعلم منها.
- سامح نفسك وتقبل ضفعك.
- اطلب الدعم من الآخرين.
- استخرج درس يمكن تطبيقة والاستفادة منه للمستقبل.
الحكمة المتأخرة Hindsight:
مفهمو الحكمة المتأخرة: هي المعرفة بعد فوات الأوان.
- هذه المغالطة تقترب من اللوم أكثر منها من الإفادة.
- تقوم على إبراز الخبرة بشيء معين ويكون بالحقيقة بعد اتضاح تفاصيل لم تكن موجودة في وقتها.
صديقي حسام استثمر في مشروع للمواد الغذائية مبلغا كبيرا من المال ثم بعد أيام قليلة انتشر وباء كورونا وتم الحظر الكامل بالبلاد لأشهر، فوجدت صديقي عامر يبادر باللوم عليه أنه كان عليه التروي قبل إجراء هذا القرار وكأن عامر يعلم الغيب وما يمكن أن تخفي لك الحياة.
علينا الانتباه من الوقوع بهذه المغالطة والتركيز على الأخذ بكل الاسباب المتاحة لنا وبذل جهدنا الأقصى باتخاذ القرار.
الإحباط رغم النجاح:
وجدت صديقي أمجد يشعر بالإحباط رغم تحقق حلمه بالزواج وبناء شركته الخاصة لكنه لم يحسب حساب المسؤوليات المترتبة على هكذا نوع من النجاح؛ من مسؤوليات ومشاكل منزلية إلى مشاكل بالعمل وكمية الجهد اللازم بذله لتأسيس شرة ناشئة.
هذا الإحباط نتج عن التركيز على تحقيق النتائج فقط وعدم الاهتمام بتبعاتها على الإطلاق.
بالإضافة المبالفة بالتوقعات وأن الحياة وردية ولا معوقات فيها.
في الختام علينا الانتباه للعديد من أنماط التفكير التي من شأنها أن تفسد قراراتنا، بالإضافة لاستخدام أساليب اتخاذ القرار كتقليل الخيارات وتعجيل القرار، وطرق التفكير بعد اتخاذ القرار التي من شأنها أن تعكر صفو حياتنا لقرارات لا يمكن تغيرها بطبيعة الحال.
أود التنويه رغم أن هذه الأدوات محورية لاتخاذ أفضل قرار ممكن تبعاً لوضع الإنسان؛ إلا أنها مهارات ناعمة بحد ذاتها وينبغي التدرب عليها مرة بعد مرة للاستفادة منها خير إفادة.
بادروا بالتعليق إن أعجبكم المقال.
التعليقات 3
موضوع مهم يستحق النقاش
مقال رائع .. بالتوفيق دكتور
اضف تعليق