حديثنا اليوم عن تلوث الماء وهو نوع من أنواع التلوث البيئي ، الذي يشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان وسلامة الحيوانات والنباتات على سطح الكرة الأرضية ، فهي نعمة من نعم الكثيرة التي أنعم الله بها علينا ، ولكن استخدام الماء نحوأ مفرط وغير واعي وبشكل غير عقلاني في مختلف نشاطات الحياة اليومية والصناعية والزراعية سوف يؤدي إلى تلوث الماء والذي سيقودنا في النهاية إلى فقدان تلك النعمة و فقدان وجودنا على هذه الأرض ، فلا حياة بدون ماء ، لذا سنتعرف في هذا المقال عن مفهوم تلوث الماء ، والمصادر التي ينتج عنها هذا التلوث ، والأضرار التي تلحق بالإنسان وسائر الكائنات الحية الموجودة على الأرض ، وسنقدم أهم الحلول والإرشادات التي يجب علينا العمل بها للمحافظة على الماء من أجل التخفيف من كمية المياه الملوثة .
مفهوم تلوث الماء :
هو أي تغير فيزيائي أو كيميائي في نوعية الماء يجعلها غير صالح للاستعمال ، ويكون هذا التغير إما بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ، حيث يؤثر هذا التغير في المياه تأثيراً ضارة على الإنسان والنبات والحيوان ، نلاحظ هذا التغير من خلال وجود مواد ضارة ومؤذية وغير مستحب وجودها في المياه لأنها تسبب الأذى لإحدى الكائنات الحية أو حتى لجميعها ، ويطرأ هذا التغير على جميع مصادر المياه الموجودة على سطح الأرض من محيطات ، وبحار ، وأنهار ، وبحيرات ….الخ ، وكذلك المياه الموجودة في باطن الأرض (المياه الجوفية) من آبار ، وينابيع .
يأخذ تلوث المياه أشكالاً مختلفة :
ويمكن تقسيم هذا الأشكال إلى قسمين رئيسين :
تلوث طبيعي : يعمل هذا النوع على تغير الخصائص الطبيعية للماء ، فيصبح غير صالح للشرب أو استخدامه في تحضير الطعام ، كتغير درجة حرارة الماء ، زيادة ملوحة الماء ، ارتفاع نسبة المواد العالقة ضمن الماء ، تعكر صفو الماء ، اكتسابه لوناً أو طعماً غير مستساغين .
تلوث كيميائي : من أخطر أنواع التلوث ، المقصود به تلوث الماء النظيف الخالي من أي ملوثات (كالمعلقات أو الرواسب أو المواد صلبة) بماء ملوث على اختلاف أنواع وأشكال ومصادر التلوث كوجود مواد سامة بالماء بعضها قابل للانحلال وبعضها يتراكم في القاع ، ويؤدي هذا النوع من التلوث إلى الإصابة بالأمراض الخطيرة ثم الموت .
ففي حال تلوث الماء تصبح مضرة ومؤذية لمستعملي هذه المياه ، وتكون المياه غير قادرة على أداء دورها الحقيقي لضمان استمرار الحياة على سطح الأرض ، وأيضاً تفقد قيمتها الاقتصادية .
مصادر تلوث الماء :
- المخلفات الصناعية: تعد مخلفات المصانع من أهم المخلفات التي تلوث مصادر المياه السطحية ، حيث تقوم المصانع بصرف المخلفات السائلة والصلبة إلى مصادر المياه السطحية (كالبحار ، والأنهار ، والمحيطات ) ، دون القيام بعمليات المعالجة الأولية للمخلفات السائلة لكي تصبح تركيزها في الماء ضمن الحدود المسموح لها أن تلقى بشبكات الصرف الصحي أو المسطحات المائية ، وينتج عن هذا التصرف تلوث الماء.
- الملوثات النفطية: وهي الأكثر خطورة ، لأنها تؤدي إلى انقراض أنواع عديدة من الأسماك والمخلوقات البحرية ، حيث يمكن أن يحدث هذا التلوث بمختلف أنواع المواد النفطية التي يمكن أن تتسرب إلى البحار أو المحيطات أثنار عملية استخراج النفط ، أو تسربه من ناقلات النفط ، أو حتى تحطم خزانات الوقود داخل السفن أثناء المعارك في الحروب.
- العناصر السامة: تعد العناصر السامة من مصادر تلوث المياه ، ومن هذه العناصر السامة التي تنحل بالماء مسببةً سمية الماء (الزئبق ، الزرنيخ ، الرصاص ، الكادميوم ، النيكل . . . الخ) ، والتي تنحل مع مياه الأمطار وتنجرف إلى المسطحات المائية والتي تنتقل إلى جوف الأرض مسببة سمية المياه الجوفية.
- مياه الصرف الصحي: المقصود بها المخلفات الطبيعية للإنسان التي تذهب عبر شبكات الصرف الصحي ، حيث تصب بعض هذه الشبكات محتوايتها في الأنهار ، والبحار ، والبحيرات مباشرة مما يعرض الماء للتلوث بفعل الميكروبات الضارة والجراثيم ، وعند تسرب هذه المياه إلى باطن الأرض قد تتلوث المياه الجوفية أيضاً.
- المطر الحامضي: يتشكل المطر الحامضي من اتحاد بعض أنواع المركبات الكيميائية مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين مع حزيئات الماء في الجو ، ليتشكل بذلك المطر الحمضي الذي يتساقط على الأرض أو يتكاثف على شكل بخار الماء إلى طبقات الجو ، مسبباً في كلا الحالتين تلوث قطرات الماء.
- المخلفات الزراعية: المقصود بها المخلفات التي تخلفها الحيوانات (الروث) ، والبقايا النباتية مثل بقايا الثمار التالفة وأوراق الأشجار المتساقطة الحاوية على ملوثات كالمبيدات الحشرية والأسمدة الكيمياوية.
- المبيدات الحشرية والأسمدة الكيمياوية: تسبب التلوث بشكل غير مباشر ، حيث يصل أجزاء منها إلى التربة ، أو تنساب مع مياه الصرف الصحي إلى مصادر المياه السطحية.
أضرار تلوث المياه :
- يؤدي تلوث البحار والأنهار إلى تسمم الأسماك والحيوانات المائية الأخرىالتي تعيش ضمنها
- تراكم المعادن الثقيلة المختلفة الكثيرة وخاصة عنصر الزئبق في الأسماك ، وبالتالي إلحاق الضرر بالإنسان عن طريق تناول الأسماك المتسممة بعنصر الزئبق.
- زيادة نمو الطحالب والنباتات الضارة نتيجة تلوث الماء بالنتروجين ، واستهلاك البكتيريا للأكسجين المنحل في الماء ، والتي تمنع الأكسجين وأشعة الشمس من الوصول إلى الكائنات المائية.
- يؤدي التلوث إلى تكاثر وانتشار حشرات البعوض المسببة لمرض البلهارسيا.
- إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض الناتجة عن شرب المياه الملوثة مثل :(التيفوئيد ، الملاريا ، التهاب الكبد الوبائي ، أمراض الكبد والكوليرا).
- موت النباتات والمزروعات التي تسقى بماء حاوية على عناصر ثقيلة سامة كالزرنيخ ، والرصاص التي تحل محل عناصر آخرى تدخل في تكوين النباتات ، ويؤدي ذلك إلى إصابة النباتات والمزروعات بأمراض وتدني جودتها.
- موت الكائنات الحية البرية ، حيث أن شرب الحيوانات والطيور لماء ملوث يؤدي ذلك إلى إصابتها بأمراض وتسممات عديدة تؤدي إلى موتها.
- تلوث مصادر المياه السطحية الحاوية على كائنات مائية بالمخلفات النفطية ينتج عن ذلك انقراض أنواع عديدة ومختلفة من الأسماك والكائنات الحية المائية.
الحلول و الإرشادات للمحافظة على الماء من التلوث :
- التأكد من سلامات خزانات المياه كل 6 أشهر على الأقل لمنع حدوث الصدأ الذي يؤدي إلى تسرب الماء من الخزانات.
- التأكد من سلامة تمديدات شبكة المياه العذبة وتمديدات شبكة الصرف الصحي داخل المنزل وإصلاحها في حال وجود أعطال وأضرار جزئية بالشبكات.
- عدم ترك صنبور الماء مفتوحاً بعد الإنتهاء من استعمال الماء وإصلاح الأنابيب والصنابير التي تعاني من رشح أو تسرب للماء لتقليل من كميات المياه المهدورة بهذا الشكل.إغلاق صنبور الماء بعد الانتهاء من استخدام الماء.
- عدم التخلص من الأدوية ضمن شبكات الصرف الصحي ، وعدم إلقاء النفايات الصلبة البلاستيكية والمعدنية في المسطحات المائية كالبحار ، والمحيطات ، والأنهار ، والبحيرات أو حتى على الشواطئ البحرية.
- التقليل من استخدام الأسمدة الكيمياوية والمبيدات الحشرية ، لأنها تنتقل إلى المياه الجوفية عن طريق ري المزروعات والنباتات أو هطول المطر عليها.
- استخدام دلو الماء بدلاً من الخرطوم في غسيل السيارة ، وكذلك استخدامه في سقي المزروعات في حديقة المنزل ، وايضاً عند القيام بأعمال التنظيف المنزلية.
- يجب أن تكون عمليات استخراج ونقل المواد النفطية أكثر حرصاً وأماناً من خلال استخدام طرق وأساليب بديلة أكثر حداثة وتطور وبالتالي أقل تلوثاً.
- التخلص من النفايات الصناعية الصلبة إما بإعادة الاستفادة منها في نفس المصنع أو باستخدامها كمادة أولية لصناعة أخرى أو في حال تعذر الاستفادة منها فيتوجب دفنها في مطامر الدفن الصحية ، والتعامل مع النفايات الصناعية السائلة بإنشاء محطة معالجة خاصة بكل مصنع على حسب الملوثات التي يطرحها.
- عدم إلقاء مياه الصرف الصحي في المجاري المائية ، والقيام بإنشاء محطة معالجة لمياه الصرف الصحي لإعادة تدوير المياه والاستفادة منها في استخدامات مختلفة.
- العمل على وضغ برامج توعية وندوات تثقيفية لنشر ثقافة الحفاظ على الماء ، والتقليل من هدر الماء ، وأن لا تكون المياه العذبة والمياه الجوفية عرضة للتلوث.
وبعد أن تعرفنا على التلوث المائي وهو أخطر أنواع التلوث البيئي ، وبيننا المصادر الناتجة عن هذه النوع من التلوث ، وما يترتب من أثار ومشاكل ضارة وخطيرة على صحة الإنسان والكائنات الحيوانية والنباتية ، وعرضنا بعض الحلول التي تجنبنا من تلوث المياه بالمخلفات والفضلات المختلفة ، نؤكد على أهمية وضرورة العمل بالحلول التي تساعد بالمحافظة على المياه ابتداءً من ترشيد وتقليل وحسن استعمال الماء داخل المنزل وانتهاءً بالتعليمات والإرشادات التي تحمي مصادر المياه السطحية المختلفة وتحافظ عليها من خلال تصرفاتنا كأفراد ومجتمعات ومؤسسات لضمان حق الأجيال القادمة من الماء.
وها هو دورك الآن لتخبرنا كيف تساعد لتضمن لنفسك أولاً ثم لأولادك وأحفادك حقهم من الماء.
التعليقات 0
اضف تعليق