التفكير النقدي وحل المشكلات بأبسط طريقة.
المشكلات هي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية الروتينية وفي أغلب الأحيان تكون هذه المشكلات هي روتيننا المتكرر الرئيسي في يومنا الإعتيادي فلا شك أن الاعتياد على روتين بائس سيؤدي إلى حياة بائسة.
ومن هذا المنطلق المهم يجب على كل طامحاً وراغباً بحياةٍ رغيدة يستحقها ويتناغم معها أن يركز توجهه نحو حل المشكلات المتكررة التي تعيقه عن النمو والازدهار وذلك بإيجاد الحل الأبسط القابل للتطبيق والتطوير واتخاذ هذا الحل الروتين الجديد والعادة المعتادة لأنفسنا الكريمة.
فجمال هذه الحياة يكمن بقدرتنا على تغييرها إلى ما نريد والاستمتاع بما نحققه ونخلقه بأيدينا المجتهدة.
في مقالنا هذا سنتعلم كيف نستخدم التفكير النقدي الذي يعتبر من أكثر الطرق فعالية بقدرته الفريدة على التحليل والاستنتاج في ابتكار الحلول لأعقد المشكلات التي قد تعترض طريقنا وتعكر صفو مزاجنا باستمرار.
ما هو التفكير النقدي
هو مهارة يقوم بها العقل ليفهم بشكل أفضل ما يعرض عليه من معلومات ثم يطلق حكماً يكون هذا الحكم هو الأقرب للصواب.
فهدفه التساؤل عن مدى واقعية وصحة الأفكار والمعلومات المطروحة فالتفكير النقدي قائم على الأسئلة حيث يعتمد على شمولية المعلومات التي تحيط بالمسألة من خلال الإجابة على عدة تساؤلات ثم ربط المعطيات وتحليلها للتوصل إلى الحكم المناسب.
وهو عبارة عن مرحلتين: الفهم ثم الحكم.
خصائص التفكير النقدي
للتفكير النقدي خصائص ومراحل يجب مراعاتها ليعطي ثماره وهي:
الغاية:
النقد عملية مجهدة ومتعبة للعقل فلا يمكن استخدام التفكير النقدي في جميع المواقف والأحداث التي تعترض طريقنا فهذا مجهد ومهدر للوقت بتقاصيل لا تقدم أي فائدة.
لذا يجب التحلي بالحكمة عند استخدام هذه المهارة بتحديد الغرض من التساؤل حول موضوع معين بأن تسأل نفسك (لماذا يجب عليّ الأهتمام بهذا الموضوع؟ وما النتيجة من التساؤل عنه؟ وإلى أين أريد أن أصل؟.
فيجب أن تُحدّد الغاية قبل السؤال.
الرغبة:
عملية التفكير تحركها المشاعر فالحالة الذهنية مبنية على الحالة النفسية فيجب أن يكون هنالك رغبة ملّحة لفهم الأحداث والمسائل وتحقيق الإنجاز المطلوب.
لذلك تعزيز الرغبة للوصول إلى الحقيقة والفهم السليم للأمور هو ركيزة أساسية لتحقيق نتائج جيده عن طريق التحلي بالشجاعة للتساؤل حول الأفكار والمعلومات الخاطئة التي نتبناها ونؤمن بها.
فالحقيقة هي أساس التفكير النقدي.
التحليل:
هو طرح الأسئلة حول مسألة معينة من أجل الوصول إلى جذرها والأسباب الكامنة وراءها وتحري نتائجها والغاية من طرحها.
وذلك باتباع فروعها لتصل بنا إلى جذعها وجوهرها وهذه العملية تتم عبر سلسلة من التساؤلات سنتعرف عليها في هذا المقال.
القرار:
التفكير الناقد هو عملية تسعى إلى تقييم الأفكار والمعلومات للتوصل إلى قرار يحدد طبيعتها.
بتحديد مدى واقعيتها وصحتها أستناداً إلى المنطق والعقل والإحاطة بالمسألة المطروحة.
فالتفكير الناقد يجب أن يصل بنا إلى نتيجة واضحة نهائية تشبع جميع تساؤلاتنا وفضولنا.
المرونة:
لا يعتبر الناقدون أن الحكم النهائي هو قرارٌ قطعي لا شك فيه وغير قابل للنقاش والتعديل.
فمن أهم مبادئ التفكير النقدي هو تبني الحقيقة والسعي إلى الصورة الكاملة للمسألة.
ومن هذا المنطلق يمتلك الناقدون مرونة لتعديل أحكامهم في حال استجدت لديهم معطيات جديدة أضاءت لهم على جوانب كانت مخفية في عملية التحليل.
الشروط الحتمية للتفكير النقدي:
- الابتعاد عن التحيز والعاطفة في تحليل المسألة واطلاق الأحكام فهذا سيؤدي إلى عبثية هذه المهارة.
- تجنب التسرع بالحكم قبل الإحاطة بكامل المسألة.
استخدام التفكير الناقد يُجنب المرء الوقوع في الأخطاء ويساعده على اتخاذ القرارات السليمة بحيث أن الناقد لا يقبل الأمور كما هي مثل الشخص العادي بل هو يفكر ويحلل ويستنتج ويستخدم مبدأ السببية والمنطق ليصل إلى القرار السليم.
استخدام التفكير النقدي في حل المشكلات:
كما فهمنا سابقاً أن عملية التفكير النقدي هي عملية تحليل ثم اتخاذ القرار لذلك من أهم استخداماته هو تحليل المشكلة ثم ادراك الحل الأمثل وفق الخطوات التالية التي تعتمد على طرح الأسئلة والإجابة عليها:
تحديد المشكلة>> معرفة الأسباب>> طرح الحلول>> اختيار الحل الأمثل>> التطيق العملي>> تقييم النتائج.
تحديد المشكلة:
في هذه الخطوة يجب الإلمام بجوانب المشكلة المطروحة وذلك بالإجابة على التساؤلات الآتية:
- ما هي المشكلة؟ هل هي حقاً المشكلة الحقيقية أم هي نتيجة للمشكلة آخرى؟
- ما نتائج هذه المشكلة على المدى القريب؟
- ما هي نتائج هذه المشكلة على المدى البعيد؟
- هل هناك نتائج لم يتم معرفتها بعد؟ (هنا يجب البحث والقراءة والاستشارة حول نتائج المشكلة).
- ما هي فوائد حل هذه المشكلة؟
- هل من الضروري حلها أم يمكن التكيف معها؟
معرفة الأسباب:
في هذه الخطوة يجب الإحاطة بكامل الأسباب مع تحري الدقة والمنطق.
- ما هي الأسباب التي يُعتقد أنها تسبب المشكلة؟
- هل هناك أسباب آخرى لم يتم معرفتها؟ (هنا يجب البحث والقراءة والاستشارة عن المشكلة).
- ما هي الأسباب التي تنطبق على الحالة المدروسة؟
طرح الحلول:
وهنا يجب وضع جميع الحلول ثم اختيار الحلول الأمثل.
- ما هي الحلول التي يُعتقد أنها تحل المشكلة؟
- هل هناك حلول آخرى لم يتم معرفتها؟ (هنا يجب البحث والقراءة والاستشارة عن المشكلة)
اختيار الحل الأمثل:
هو الحل الأكثر قدرة على التطبيق وبنفس الوقت يؤدي إلى نتائج ملموسة ويكون وفق المعايير التالية:
- مدى القدرة على تطبيق الحل وفق المحاوير: الوقت والجهد والتكلفة.
- هل هو فعال؟ هل سيؤدي إلى نتائج إيجابية؟
التطبيق العملي:
هنا تنتهي مرحلة الأسئلة ونبدأ بوضع الحل تحت حيز التنفيذ والتخطيط عن طريق وضع خطوات واضحة لتطبيقه مع التخطيط لجدول مواعيد يتيح جعل هذا الحل جزء من خطة العمل المعتادة.
تقييم النتائج:
وذلك لقياس مدى فعالية هذا الحل ومعرفة إمكانية تطبيقه على أرض الواقع وأن كان هنالك تعديلات يمكن إضافتها ستحسن من النتائج.
يكون ذلك بعمل مراجعة للنتائج في نهاية كل أسبوع وكل شهر وطرح التساؤل إن كان هناك تقدم؟
مثال عملي على حل المشكلات بالتفكير النقدي:
لنعتبر أنني لا أستطيع الأستيقاظ مبكراً بحيث ستكون هذه هي المشكلة المطروحة في مقالنا وسنوضح كيف نحللها ونجد الحل الأمثل لها بطريقة طرح الأسئلة التي سبق ذكرنا لها.
المشكلة: عدم مقدرتي على الأستيقاظ مبكراً.
هل هي المشكلة أم أنها ناتجة عن مشكلة غيرها؟
بالملاحظة والتحليل نجد أنها نتيجة لسهري حتى وقتاً متأخر من الليل.
أذاً سننتقل لدراسة مشكلة السهر.
ما هي نتائج السهر على المدى القريب؟
- الفوضى بالمواعيد وصعوبة تنظيم الوقت>> قلة الإنتاجية.
- قلة النوم>> النعاس والتعب خلال اليوم والتشتت وضعف التركيز
- اضطراب الحالة النفسية
ما هي نتائج السهر على المدى البعيد؟
- مشاكل صحية
- قلة الإنتاجية على المدى البعيد تؤدي إلى الفشل وضياع العمر.
- الاكتئاب
هل هناك نتائج للسهر لا أعرفها؟
بعد أن قرأت عن السهر تبينت لي النتائج الآتية:
- زيادة احتمالية الإصابة بالسرطان
- السمنة وأمراض القلب
- ضعف المناعة والإصابة المتكررة بنزلات البرد والأنفلونزا.
ما هي فوائد معالجتي للسهر والأستيقظ مبكراً؟
- القدرة على تنظيم الوقت>> زيادة الأنتاجية
- تحسن مزاجي
- امتلاك جسدي لمناعة قوية
- زيادة تركيزي وتحسن قدراتي العقلية
- زيادة احتمالية تحقيقي لأهدافي بنسبة كبيرة
هل من الضروري حل مشكلة السهر أم يمكنني التعايش معها؟
طالما أمتلك طموحات وأهداف وأرغب بحياة صحية فمن الضروري حلها وعلاجها.
ما الأسباب التي أظنها تسبب لي السهر؟
- شرب المنبهات.
- كثرة التفكير قبل النوم.
- عدم اتخاذ قرار جدي بالنوم مبكراً.
- القيلولة الطويلة المتأخرة من اليوم.
هل هناك أسباب أخرى للسهر لا أعرفها؟
بعد أن قرأت عن أسباب السهر تبينت لي هذه الأسباب الآخرى:
- القلق والتوتر.
- زيادة أوقات الفراغ ترغب الإنسان بالسهر.
- أشعة الأجهزة الإلكترونية كالموبايل واللابتوب تسبب الأرق.
ما هي الحلول التي أعتقد أنها ستحل لي مشكلة السهر؟
- عدم شرب المنبهات في وقت متأخر من اليوم.
- ممارسة تمارين الاسترخاء لعلاج كثرة التفكير والقلق.
- الأبتعاد عن استخدام الأجهزة الإلكترونية في وقت متأخر من اليوم.
- تجنب القيلولة الطويلة والمتأخرة من اليوم.
- تحديد موعد محدد للنوم.
هل هناك حلول اخرى للسهر أخرى لا أعرفها؟
بعد عن قرأت عن حلول للسهر تبينت لي هذه الحلول أيضاً:
- الغرفة المظلمة جداً تساعد على النوم بعمق.
- استخدام السرير للنوم فقط.
- بعد 20 دقيقة من العجز عن النوم يفضل النهوض من السرير وأداء أي نشاط ثم العودة والمحاولة مرة أخرى.
- تخصيص روتين قبل النوم كتنظيف الأسنان وممارسة تمارين الاسترخاء.
- ممارسة الرياضة تساعد على النوم المبكر.
اختيار الحلول الأنسب للسهر:
- جعل النوم مبكراً عادة يومية.
- الابتعاد عن معيقات النوم.
- تخصيص روتين قبل النوم.
التطبيق العملي لحل مشكلة السهر:
سأضع خطة لعلاج السهر بالتدريج بحيث يكون الهدف الرئيسي هو النوم في العاشرة مساءاً والاستيقاظ في السادسة صباحاً.
الخطوة الرئيسية هي الذهاب إلى الفراش قبل ربع ساعة من اليوم السابق حتى الوصول إالى الساعة المحددة.
الابتعاد عن معيقات النوم:
- تجنب شرب المنبهات بعد السادسة مساءاً.
- تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية بعد السابعة مساءاً.
- تجنب القيلولة الطويلة المتأخرة.
تخصيص روتين قبل النوم:
- تنظيف الأسنان.
- تحديد مهام اليوم التالي.
- ممارسة تمارين الاسترخاء.
وأخيراً تقييم نتائج هذه الخطة في نهاية كل أسبوع وكل شهر ومتابعة التقدم الحاصل بالنوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً
وإضافة تعديلات على الخطة بحيث تحقق أفضل النتائج.
وفي الختام بداية أي تغيير في الحياة يبدأ ببناء عقلية مناسبة لهذا التغيير وتبني الأفكار التي تساعد على تطبيقه وهذه العملية تتم عبر طرح الأسئلة حول المحاور الرئيسية في الحياة والتعرف على ماذا نريد منها وأي الأشخاص نريد أن نكون فيحررنا هذا التساؤل من الأوهام والقيود التي تعيق هذا التغيير فكل تجسيد يبدأ بفكرة فازدهار الحياة أو فقرها يبدأ من الأفكار العميقة حول طبيعة الحياة التي نريد عيشها.
التعليقات 0
اضف تعليق