كابوس الاقتصاد الذي تخشاه كل الحكومات والكيانات مهما بلغت من قوةٍ وجبروت، الكساد الاقتصادي أكبر الأزمات اقتصادية وأشدها بأساً. في هذا المقال سنعرف كل ما يخص الكساد الاقتصادي وما الفرق بينه وبين الركود الاقتصادي وسنتحدث عن أمثلة سابقة عن الكساد الاقتصادي.
ما هو الكساد الاقتصادي؟
أزمة اقتصادية تحدث بسبب التراجع الحاد أو الركود الشديد في معدل الأنشطة الاقتصادية، وتعتبر هذه الأزمة طويلة الأمد قد تتجاوز عدة سنين، وينتج عنه العديد من المشكلات أبرزها وأهمها الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي.
ما هي أسباب الكساد الاقتصادي؟
كما ذكرنا في الأعلى الكساد الاقتصادي هو كارثة وبما أنها ليست كارثة طبيعية كالبراكين والفيضانات فإن لها أسباب، تتلخص هذه الأسباب فيما يلي:
- انهيار أسواق المال
- انحسار ثقة المستهلك وتدهورها تجاه الأعمال التجارية: وهذا الأمر أدي إلى التقليل من الطلب عليها ولجوء بعض الشركات للتوقف عن العمل.
- الانخفاض في قيمة العملات وتقلبها.
- عدم قدرة بعض المؤسسات أو الدول على سداد الديون الملزمة عليها.
- الضعف في القدرة الشرائية: مما يؤدي إلى الانخفاض في الإنتاج من قِبل الموردين، أو الانخفاض في الاستثمار بالنسبة للمستثمرين.
- الانكماش المالي بصفة عامة، والانخفاض في السيولة النقدية.
- لجوء بعض الشركات إلى التخفيض في الميزانية بسبب قلة التصنيع، وقلة المبيعات: وذلك من خلال تشغيل عدد أقل من العمالة، والاستغناء عن الباقي.
- إفلاس بعض المؤسسات والشركات الكبرى كالبنوك.
- التوقف لفترات طويلة عن الاستثمارات، وكذلك إنشاء المشاريع الجديدة.
مظاهر الكساد الاقتصادي
هنالك الكثير من الأحداث التي بمجرد حدوثها فهي تعتبر اشارة لبداية كساد اقتصادي ومن أبرز هذه الأحداث:
- انخفاض سوق الأسهم: حيث يرتبط سوق الأسهم ارتباطاً وثيقاً ويوجد بينهما علاقة طردية، حيث عندما تقل نسبة الأسهم ينعكس بشكل سلبي على الكساد والعكس.
- زيادة نسبة البطالة: وتعد من أكثر مظاهر الكساد الاقتصادي حدوثاً، وذلك يحدث نتيجة لفقدان الثقة الشرائية الأمر الذي يزيد من نسبة العاطلين من المصانع والشركات.
- تباطؤ نسبة بيع العقارات والمباني: حيث عندما تقل ثقة المستهلكين في شراء العقارات يشير إلى أنهم لا يملكون القدرة على الشراء وهذه علامة من علامات الكساد والركود.
- انخفاض نسبة الإنتاج
- إعلان العديد من الشركات الكبيرة إفلاسها.
- انخفاض نسبة الإيرادات.
- التخلف عن سداد الديون المتعلقة ببطاقات الائتمان: فتحدث خطة يقوم بها عدد من المواطنين و يتخلفون عن تسديد ديونهم الائتمانية، وهذه إشارة لافلاسهم وعدم قدرتهم على السداد، وهذه من ضمن مظاهر الكساد الاقتصادي.
فوائد الكساد في الاقتصاد
على الرغم من أن الكساد الاقتصادي أزمة كبيرة جدا إلا أن لها عدة فوائد التي تجعل العديد من الشركات ورجال الأعمال يتمنون حدوثه ولابد لنا من ذكر هذه الفوائد وهي:
ضبط أسعار السوق والتخلص من جشع التجار.
في حالة الكساد يكون الطلب أقل من المعروض، وهذا الأمر يؤدي إلى انخفاض الكثير من أسعار السلع والخدمات بالسوق، وفي حقيقة الأمر لا يمكننا قول انخفاض في السعر، بل عودة المنتجات إلى قيمتها الحقيقة دون استغلال التجار. وستظل الأسعار منخفضة لفترة طويلة بعد الانتهاء من الكساد، وهذا الأمر يجعل المستهلكين يحصلون على فائدة كبيرة من حالة الكساد الاقتصادي.
زيادة الاستثمار والتملّك.
كما ذكرنا في الأعلى فإن الأسعار ستنخفض في فترة الكساد وهذا ما سيشكل فرصة أمام المستثمرين لاقتناصها. حيث سيستطيعون شراء الاستثمارات والأصول بقيمتها الحقيقية بعيدا عن الأسعار المرتفعة والخيالية التي مررنا بها منذ بضعة سنوات.
أيضا الكساد يمكّن كبار المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال العملاقة من امتلاك شركات جديدة مهددة بالافلاس ويدعمونها بالأموال الى أن تجتاز فترة الكساد ومن بعدها تزداد قيمتها بشكل جنوني.
التحسين من سلوك الشراء
يعتبر الكساد درس قاسي بالنسبة للجميع، فبالنسبة لك كمستهلك سيجعلك الكساد أكثر وعيًا حيث ستقوم بالتفكير في شراء حاجاتك الأساسية فقط بعيدًا عن الكماليات التي تزيد من نفقاتك، وهذا الأمر سيعلمك كيفية ادخار مالك والاستعداد للأزمات القادمة.
كيف يمكن معالجة الكساد الاقتصادي؟
يمكن معالجة الكساد الاقتصادي من خلال عدد من الاجراءات الاقتصادية، ومن أهم تلك الاجراءات المتبعة
- قيام الحكومات بزيادة الانفاق على المشاريع العامة المنتجة: مثل الطرق، والمستشفيات، والمدارس، بما يساهم في زيادة الحركة الاقتصادية داخل الاقتصاد.
- خفض معدلات الضرائب: تهدف تلك الخطوة إلى إبقاء اكبر قدر ممكن من الأموال في أيدي المواطنين من أجل مساعدتهم على تخفيف الأعباء المالية، وتحفيز الأفراد على زيادة معدلات الاستهلاك والاستثمار.
- خفض معدلات الفائدة: تهدف تلك الخطوة إلى زيادة حجم الإقراض، بهدف العمل على تشجيع الاستثمارات وإقامة مشروعات جديدة، بما يسهم في زيادة معدلات الانتاج مرة اخرى، وخفض معدلات البطالة.
والآن دعونا نتعرف على الركود الاقتصادي وما الفرق بينه وبين الكساد ومن منهم الأسوا.
ما هو الركود الاقتصادي؟
يعرف عادة على أنه انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لربعين سنويين (6 أشهر) على التوالي، بينما يعرفه المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية الأمريكي على أنه تراجع كبير في النشاط الاقتصادي، لأكثر من بضعة أشهر.
ما الفرق بين الكساد الاقتصادي والركود الاقتصادي؟
كل من فترات الركود والكساد لها مؤشرات وأسباب متشابهة، لكن الفرق بينهما يكمن في الشدة، والمدة، والتأثير الكلي على الاقتصاد.
ويمتد الكساد لعدة سنوات، ويشهد الكساد عادة ارتفاعاً في معدلات البطالة، وانخفاضاً كبيراً في الناتج المحلي الإجمالي، ويكون له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، على عكس الركود الذي يستمر لعدة أشهر، ويكون تأثيره مقتصراً على دولة واحدة في أحيان كثيرة.
معظم الناس يخلطون بين حالات الكساد والركود. لكن في الحقيقة حالات الركود كثيرة جدا وقد شهد التاريخ حوالي 50 حالة ركود اقتصادي بداية من ذعر النحاس عام 1789 وحتى الأزمة المالية العالمية عام 2008.
أما حالات الكساد أقل بكثير ففي الولايات المتحدة الأمريكية كان هناك كساد واحد فقط، وهو الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، والذي استمر لمدة 10 سنوات. لنتحدث عن الكساد العظيم.
الكساد الكبير أو العظيم.
ويعتبر الكساد الكبير أكبر وأهم فترة تدهور اقتصادي عرفها التاريخ الحديث، ويعتبر في القرن الحالي مؤشرا لقياس العمق الذي يمكن أن يهوي إليه الاقتصاد العالمي.
وكانت أسواق المال الأميركية -مكان الانطلاق- أول ضحايا الأزمة, وتم التأريخ لها بانهيار بورصة نيويورك في حي المال أو وول ستريت يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول عام 1929 الذي أطلق عليه “الخميس الأسود“، وتبعه “الثلاثاء الأسود” يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول من السنة نفسها، وحدث ذلك بسبب طرح 13 مليون سهما للبيع لكنها لم تجد مشترين لتفقد قيمتها.
ونشر الوضع الاقتصادي الذعر لدى المستثمرين في البورصة، وبادر الوسطاء إلى البيع بكثافة، ليجد آلاف المساهمين بعد ذلك أنفسهم مفلسين.
خسائر كبيرة
وأعلنت عشرات المؤسسات المالية إفلاسها وأغلق العديد من المصانع، وكثرت أعداد العاطلين عن العمل وتوقف الإنتاج, وانتقلت الأزمة كالنار في الهشيم إلى جميع الأسواق العالمية.
وخسر مؤشر داو جونز المنهار 22.6% من قيمته يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول، كما بلغت الخسائر الإجمالية بين 22 أكتوبر/تشرين الأول و13 نوفمبر/تشرين الثاني ثلاثين مليار دولار بمعدل يفوق الميزانية الاتحادية عشر مرات، ويتجاوز النفقات الأميركية في الحرب العالمية الأولى، ولم يحل عام 1932 حتى كان مؤشر داو جونز قد فقد 89% من قيمته.
ودفع ذلك أصحاب المصارف بالولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة الأزمة فقاموا باسترجاع كميات كبيرة من المال من مصارف في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا, وهي دول تضررت كثيرا بتداعيات الأزمة.
وفي ألمانيا تسببت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في انهيار جمهورية “فايمار”، وتلا ذلك ظهور النازيين، أما في فرنسا فبدأت آثارها بالظهور سنة 1931، بينما اتخذت بريطانيا إجراءات قللت من حدة الأزمة مثل تخفيض أسعار الفوائد.
مواجهة الأزمة
ولم يبدأ الانتعاش في الولايات المتحدة إلا عام 1933 مع سياسة “العهد الجديد” التي وضعها الرئيس فرانكلين روزفلت، حيث نصت على وضع حلول للأزمة المصرفية عام 1933 وإعادة فتح البنوك السليمة، وإصدار قوانين عامي (1933-1935) التي تمنع البنوك من التعامل بالأسهم والسندات.
كما تم إنشاء مؤسسات لرعاية ضحايا الأزمة من العاطلين، بالإضافة إلى إصدار قوانين تحقق الاستقرار في قطاع الزراعة وإصدار قانون الإصلاح الصناعي عام 1933، وتصحيح استخدام الأوراق المالية من خلال إنشاء لجنة تبادل الأوراق المالية عام 1934.
آثار عالمية
وقد كان للكساد العالمي آثار كارثية على الدول المتقدمة والدول النامية التي كانت لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار, كما تأثرت التجارة العالمية بشكل كبير وكذلك الدخول الفردية في العالم وعائدات الضرائب وأسعار السلع وأرباح المؤسسات المالية والشركات.
وانعكست آثار الأزمة على مدن العالم التي تعتمد على الصناعات المختلفة، كما شلت صناعة البناء وتوقفت في مختلف دول العالم وانخفضت أسعار المحاصيل بنسبة 40% إلى 60%، وكانت صناعات المواد الأولية الأكثر تضررا في العالم.
المصدر: الجزيرة
هل نحن أمام كساد اقتصادي جديد؟
توقع العديد من الاقتصاديين أننا سنقبل على أزمة اقتصادية عالمية كبيرة منذ إعلان انتشار وباء كورونا حيث تم تصنيف الجائحة على أنها أكبر أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم وقد مهدت الجائحة الى عدة أزمات اقتصادية قادمة. وما ان بدأ العالم بالتوازن بعد جائحة كورونا حتى أتت الحرب الروسية الأوكرانية لتؤكد اقترابنا من أزمة اقتصادية كبرى.
هذا وقد صرّح الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان تشيس جيمي ديمون :
أنه من المحتمل أن تدخل الولايات المتحدة في حالة ركود خلال 6 إلى 9 أشهر القادمة
أما الرئيس الأمريكي جو بايدن فقد صرح أن الولايات المتحدة من الممكن أن تشهد ركودا اقتصاديا خفيفا.
Biden: "I don't think there will be a recession. If there is, there will be a slight recession. That is, we'll move down slightly… We are in a better position than any other major country in the world economically." pic.twitter.com/uETNMKb20W
— Greg Price (@greg_price11) October 12, 2022
باختصار نحن مقبلين على أزمة اقتصادية لا محال والمتوقع أنه ركود اقتصادي ولكن الركود يعتبر مقدمة للكساد.
برأيكم كيف تستطيع بلداننا العربية الوقوف بوجه هذه الأزمات القادمة؟
التعليقات 0
اضف تعليق