يخيل للبعض منا أن السيارات الكهربائية الحديثة هي إحدى أفكار القرن العشرين ولكن هذا غير صحيح . ماذا تعرف عن السيارات الكهربائية التي أصبحت ذات شهرة واسعة في الأونة الأخيرة ؟ متى بدأت فكرة السيارة الكهربائية ؟ ولماذا أخذت كل هذه الضجة ؟ وما هو مستقبل السيارات الكهربائية ؟ هل ستختفي السيارات التي تعمل بالوقود مثلما اختفت الصحف و المجلات بعد انتشار الصحف الإلكترونية و مواقع الأخبار عبر الانترنت؟ هنا سوف تجد كل هذه الإجابات …
بعد الانتشار الواسع الذي حققته سيارات شركة تسلا الكهربائية و التي دفعت الشركة للإعلان عن إنتاج شاحنة كهربائية ذاتية القيادة إضافة إلى سياراتها المييزة موديل Y التي احتلت المرتبة الأولى عالمياً في عدد السيارات المباعة متجاوزة موديل 3 من نفس الشركة و السيارات الصينية المنافسة لها. ولكن الفضل في ذلك يعود للمخترع روبرت اندرسون صاحب فكرة السياراة الكهربائية حيث كان أول ظهور للسيارات الكهربائية عام 1982 والتي استخدم فيها بطارية غير قابلة للشحن تمكن من خلالها السير مسافة 6 كيلومترات.
الضجة الكبيرة و الإنتشار في الأسواق العالمية
حققت السيارات الكهربائية انتشاراً عالمياً في أمريكا و أوربا و أسيا و ساهمت الميزات العديدة التي تحتويها هذه السيارات في هذه الضجة الكبيرة ومن أبرز الميزات هو قدرتها على الوصول إلى سرعات عالية تمكنها من منافسة السيارات التي تعمل بالوقود رغم بساطة مكوناتها فإن المحرك الكهربائي الذي يعمل بالبطاريات أثبت قدرته على المنافسة مقارنة مع سيارات ذات محركات الاحتراق هذا يعني أن زمن محركات الوقود و الانبعاثات الضارة للبيئة الناتجة عنها بدأ بالزوال تدريجيأ .
تمتلك السيارات الكهربائية عدة محركات بالإضافة إلى بطاريات الليثيوم أيون المثبتة إلى أرضيتها مما يمنحها قدرة أكبر على الثبات عند السرعات العالية و نظام تبريد وشحن متطوربن، ولا ننسى عدم الحاجة للوقود و قلة الأعطال هذا ما دفع العديد من الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية و الصين للاستثمار بقوة في هذه الصناعة.
بدأت الشركات العالمية لصناعة السيارات مثل شركة هيونداي و ميرسيدس و أودي و فوكس واجن بالإضافة إلى شركة تيسلا و بوليستر و جينرال موتورز المنافسة الشرسة في سوق السيارات الكهربائية ولكن الشركات الصينية كان لها رأي مختلف فقد حققت شركة BYD (بي واي دي) العملاقة الصينية أعلى المبيعات في سوق السيارات الكهربائية في الصين وتغلبت على منافستها الأمريكية و لكن المفاجئة كانت من قبل شركة ناشئة تدعى SGMW التي تصدرت سياراتها مبيعات السوق الصينية منذ أنصلاقها حيث تمكنت الشركة من بيع ما يقارب 32763 سيارة من طراز Wuling Mini والذي تجاوز موديل 3 من تسيلا الذي باعت منه 21589 سيارة حتى شهر كانون الأول /يناير 2022 ، ويعود ذلك إلى سعرها المنخفض الذي تراوح بين (4000-6000)$ وهذا بدوره يعتبر انتقالاً نوعياً في مستقبل السيارات الكهربائية .
كما وحققت سيارات من شركات أخرى مبيعات ممتازة في السوق الأوربية و الأمريكية مثل “هيونداي كونا إلكتريك”، وسيارة بوليستر الكهربائية من طراز لونج رينج وحلّت السيارة كيا من طراز “إي نيرو” و موستانج طراز Mach-E و شيفروليه بولت BOLT EV قائمة السيارات الأكثر مبيعاً .
التحديات و الصعوبات التي تواجه مصنعي السيارات الكهربائية
وفقًا وكالة “بلومبرغ نيو إنرجي فينانس”، فإن 58% من مبيعات سيارات الركّاب الجديدة في عام 2040 ستكون مركبات كهربائية، هذا رقم مذهل مقارنة مع 3% فقط من السيارات الجديدة في العالم حالياً.
لا تزال هذه الصناعة تواجه مشكلة رئيسية وهي عدم وجود وحدات شحن للمركبات ضمن البنية التحتية حيث أن إمكانية الشحن في المنزل منخفضة نسبياً لأن السيارات الكهربائية تحتاج إلى محطات شحن خارجية تستطيع تأمين 390V فولت للشحن السريع .كما و أن المواد الأولية من المعادن الأرضية النادرة اللازمة الإنتاج بطاريات اللثيوم أيون محدودة المصادر ، حيث تنتج الصين % 70 من بطاريات السيارات الكهربائية وقد ضمنت الصين احتكاراً كبيراً لمعالجة المواد الأولية بحيث أن معظم الشركات المنتجة خارج الصين بحاجة لاستيراد هذه البطاريات وهذا بدوره ينعكس على سعر السيارة وبالتالي مبيعات هذه الشركات .
إضافة إلى مشكلة الاستيراد فإن هناك مشكلة تقنية أخرى لا تقل عنها أهمية وهي أرتفاع حرارة هذه البطارية فهي بحاجة إلى عملية تبريد باستخدام نظام تبريد معقد والذي ينعكس بدوره على العمر الافتراضي لها و انخفاض أداء هذه البطارية أي بمعنى أخر المسافة التي تقطعها هذه السيارة عند شحنها لمرة الواحدة سوف ينخفض و أي مشكلة قد تؤدي إلى خطر اشتعال البطارية وهذه يعني أن المركبة بالكامل قد اصبحت تالفة بسبب صعوبة اخمادها.
انتشار السيارات الكهربائية في الدول العربية
بدأت السيارات الكهربائية بالانتشار في بعض الدول العربية بشكل واضح وخصوصاً في الإمارات العربية المتحدة و مصر و المملكة العربية السعودية وعمان و الكويت ،وساعد في ذلك انتشار وحدات الشحن حيث أظهرت التقارير تقدم دولة الإمارات بعدد وحدات الشحن بمعدل 240 محطة شحن عامة . بالمقابل أخذت بعض الدول العربية قرارات جريئة بالسعي لتصنيع السيارات الكهربائية حيث تعتزم مصر انتاج سيارات من طراز (E70)،كما و أعلنت سلطنة عمان عن خططها لطرح سيارات كهربائية من خلال شركة “ميس” للسيارات في حين أعلن مؤسسة الموانئ الكويتية في شهر أعسطس/أب في البدأ بإنشاء (أي في سيتي) مدينة خاصة لتصنيع السيارات الكهربائية لتكون الأولى من نوعها عربياً .
ووقعت شركة لوسيد موتورز سنة 2022 عقود إنشاء أول مصنع لها للسيارات الكهربائية في السعودية باستثمار يزيد عن 3.4 مليار دولار أي ما يعادل 12.3 مليار ريال، المصنع سيطرح أربعة أنواع مختلفة من المركبات بقدرة انتاجية 155 ألف سيارة سنوياً والذي سبدأ الانتاج 2023 و من المتوقع أن يصل المصنع لكامل طاقته الانتاجية 2028 ، وتخطط الشركة لتصدير % 85 من الانتاج . يعتبر السوق السعودي هو أكبر سوق عربي ويشكل % 50 من السوق الخليجي بمعدل نصف مليون سيارة سنوياً .
يعتبر سعر بعض السيارات الكهربائية المتوافرة حالياً في الأسواق مرتفع نسبياً مقارنة مع السيارات التي تعمل بالوقود حيث يبلغ معدل سعرها (40-90) ألف دولار وهذه الأرقام كبيرة ولكن إذا ما أُخِذ نطاق قيادة السيارة (المسافة التي تقطعها السيارة خلال دورة شحن واحدة للبطارية) بعين الاعتبار ،فإنه استنادًا إلى قائمة الأسعار نلاحظ تناسب مع نطاق القيادة الحقيقي “دبليو إل تي بي” يمكن لمالك السيارة دفع أقلّ من 112 دولارًا لكل كيلومتر من نطاق القيادة، ولكن في أعلى المقياس أو القائمة بالنسبة للسيارات التي يقلّ سعرها عن 80 ألف دولار، يمكن للمالك دفع ما يصل إلى 327 دولارًا لكل كيلومتر من نطاق القيادة.
التجربة الحقيقة من قبل السائق
يتخبرنا أحد الأصدقاء الذي قام بتجريب سيارته الكهربائية الجديدة موديل ID.4 من شركة فوكس واجن.من النظرة الاولى إلى السيارة يمكن ملاحظة مظهر السيارة الخارجي أنه مماثل تقريباً للسيارات التي تعمل بالوقود مع فروق بسيطة مثل مدخل الهواء اللازم للتبريد هنا مختلف عن السيارات التقليدية و هذه يعود لتصميم الشركة المصنعة مع إضافة كشافات إضاءة أمامية ذكية مرتبطة مع نظام التحكم السيارة ، أما من الداخل فإن المقاعد كهربائية بالكامل مع فرش أنيق و عجلة القيادة مربوطة مع لوحة السرعة وتتحرك معها .
يعتبر نظام السيارات الكهربائية بسيطاً نوعاً ما حيث يمكنك التحكم بمعظم خصائص السيارة من خلال جهاز لوحي مثبت وسط السيارة يمكنك ضبط نظام عمل السيارة والتحكم بنظام تكييف الهواء أو نظام الحماية من الحوادث بالإضافة إلى وجود حساسات و كاميرات مساعدة، وفي تجربة القيادة نجد أن سرعة السيارة محددة لأغراض السلامة مع نظام تعليق ممتاز وسهولة في الالتفاف. ولكن بعض المشاكل التقنية تظهر بين الفينة و الأخرى بعضها تكون في نظام التشغيل و يمكن تخطيها بالتحديث و النوع الأخر من المشاكل يكون نتيجة القيادة أو دخول الماء إلى حساسات السيارة وهذا النوع من المشاكل يحتاج إلى زيارة للوكيل المعتمد أو شركة مختصة في حال عدم وجود وكالة قريبة.
يمكننا القول في ضوء ما ذكرناه سابقاً أن السيارات الكهربائية سوف نتنشر في المستقبل بشكل أكبر ولكن ليس بالمستوى المتوقع وذلك لعدة أسباب ذكرنا بعضها سابقاً منها عدم توفر البنية التحتية و الأسعار المرتفعة نوعاً ما و مشاكل البطاريات ولكن إذا تمكنت الشركات العالمية من توفير تقنيات حديثة مع سعر مقبول و زيادة موثوقية السيارات من حيث الحل السريع للمشاكل بالإضافة إلى التشجيع من الحكومات وتوفير المتطلبات اللازمة من البنية التحتية و تسجيل السيارات فإن ذلك سوف يساعد قي تقليل الانبعاثات و الاحتباس الحراري وبالتالي الحفاظ على البيئة كل ما سبق سوف يؤثر بشكل أو بأخر على تغير مستقبل السيارات الكهربائية ويساعد على انتشارها .
التعليقات 1
اضف تعليق