كان لظهور مرض كورونا في نهاية عام ٢٠١٩ وبداية عام ١٠٢٠ أثرا شديدا على العالم بأثره ، وقد لايقل هذا الأثر عن الآثار التي خلفتها أكبر الحروب في العالم حتى أن آثاره قد شملت كافة نواحي الحياة الجسمية والنفسية والاقتصادية ولم تنج أي بقعة في الأرض من هذا التأثير . إذا كنت مثلي تبحث عن نهاية كورونا في العالم فسآخذك في رحلة نستكشف بها أسرار كورونا من البداية الى نهاية هذه الجائحة .
كيف بدأت جائحة كورونا؟
يعتقد أن أول حالة مسجلة لفيروس كورونا يعود تاريخها ل1 ديسمبر عام 2019 في ووهان في الصين ، وحاولت السلطات الصحية الصينية إخفاء الأمر إعتقادا منها أن الأمر لن يتطور الى جائحة عالمية ،إلا أن الزيادة الشدية في معدل الإصابات والخطورة المترافقة والانتشار السريع الذي بدأ يجتاح العالم أجبر السلطات الصينية الاعتاف بوجود الوباء فقد أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في منتصف شهر يناير عام 2020 أن فيروس كورونا مرض معد ينتقل بين البشر وبلغت وفيات المرض في الصين في هذا الوقت 17 شخصا وبدأت رحلة تسارع الإصابات والوفيات ما أجبر السلطات الصحية في الصين فرض الحجر الصحي وانتاب العالم القلق والذعر من توسع انتشار المرض .
رغم هذه الإفادات الرسمية من الصين لكن يعتقد أن بداية المرض كانت قبل هذا التاريخ حيث أعلن العديد من الأجانب المتواجدين في ووهان قبل هذا الوقت أنه من الممكن أنهم قد أصيبوا بهذا المرض قبل هذا التاريخ حيث صرحت البطلة الفرنسية إيلودي كلوفيل المشاركة في المسابقات الخماسية العسكرية في ووهان في اكتوبر أنها تعرضت ورفاقها إلى وعكة صحية شديدة هناك إعتمادا على فحوصات أجراها أحد الأطباء الفرنسيين العسكريين هناك .
من أين جاء فيروس كورونا؟
يقول البروفيسور ديفيد روبيرتسون عالم الفيروسات بجامعة غلاسكو ” ليس صحيحٱ أننا لانعرف من أين جاء ،فنحن لانعرف فقط كيف وصل إلى البشر ” من المقبول على نطاق واسع أن أحد أسلاف الفيروس كان في الأصل مرضٱ ينتشر بشكل غير ضار في الخفافيش البرية،لكن من الضروري أن نعرف كيف وأين ومتى انتقل أول مرة إلى البشر لمنع تفشي المرض في المستقبل .
ويتفق العلماء على أن أسواق الحيوانات الحية المزدحمة وغير الصحية توفر نقطة انتقال مثالية للأمراض الجديدة من الحيوان إلى الانسان لذلك يعتبر الكثير من الباحثين أن التداعيات الطبيعية المرتبطة بتجارة الحيوانات هي إلى حد بعيد أصل كوفيد .
لكن الكثير من العلماء يرفضون تماما هذه النظرية ويتهمون تسريبا حصل في مختبر ووهان أدى لانتشار الفيروس وبسبب وجود أسباب كثيرة تدعم هذه النظرية وحاولة الصين من جهة أخرى محاربة هذه الفكرة فقد أخذ العمل لتحديد البداية منحى سياسيا أكثر منه علميٱ في كثير من الأحيان .
متحورات فيروس كورونا
تتميز الفيروسات وخاصة فيروس كورونا بالقدرة على التحور حيث يتعرض الفيروس الى سلسلة من الطفرات أي التغيير في المادة الوراثية وهذا التغيير يعتبر طبيعيا لأنه يضمن بقاؤه ، وقد كتبت الخدمات الصحية البريطانية على موقعها على الانترنت أنه تم تحديد أكثر من ٤ آلاف متحور منه في العالم لكن منظمة الصحة العالمية تؤكد أن معظمها ليس له تأثير من حيث تدابير الصحة العامة .
نشرت صحيفة لوفيغارو (lefigaro ) أن الفيروس من الناحية العلمية عبارة عن مادة وراثية محمية بغشاء دهني تغطيه شويكات متكونة من ثلاث بروتينات متطابقة يستطيع خلالها التشبث بالخلايا البشرية ومن ثم دمج الأغشية بحيث يمكن للمادة الوراثية الفيروسية أن تخترق الخلية ،ثم يحول الفيروس آلية الخلية لإنتاج البروتين الخاص به واستنساخ خلاياه .
لكن عملية التكاثر هذه ليست مثالية ،إذ يتسلل الخطأ بانتظام إلى النسخ المختلفة وفي معظم الأحيان يختفي الفيروس المتغير بنفس سرعة ظهوره .
لماذا يهتم العلماء بمتحورات الفيروس؟
يوضح برونو كانارد مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي أنه إذا لم يتحور الفيروس يكون من السهل القضاء عليه بسرعة كبيرة ويقدر الباحثون أن فيروس ” سارس -كوف-2″ يسجل حوالي طفرتين جديدتين شهريا ومنذ بدء ظهور الفيروس فقد شكل شجرة تطورية تحتوي الالف من الفروع ،لكن بعضها فقط يشكل خطرٱ كبيرٱ .
وتصب مخاوف العلماء بشكل خاص على الطفرات التي يمكن أن تحدث على مستوى السنبلة والتي تجعل الفيروس أكثر خطرٱ وعدوى ، ويخشون أيضٱ ألا يتعرف الجهاز المناعي الذي سبق أن تلقى اللقاح على هذه الطفرة فيصبح التطعيم غير فعال وهذا مايبعدنا عن الوصول لنهاية كورونا في العالم.
هل ستفيد المناعة الطبيعية وخلط اللقاحات في الوصول الى نهاية كورونا في العالم ؟
أجرت جامعة سارلاند في ألمانيا دراسة شملت ثلاث مجموعات ،الأولى تلقوا جرعتين من لقاح استرازينيكا والثانية جرعتين من لقاح فايزر-بيونتيك والثالثة تلقوا الجرعة الأولى من أسترازينيكا والثانية من فايزر-بيونتيك ، وقد شملت الدراسة دراسة أعداد الأجسام المضادة التي تطورت داخل أجسام المشاركين وفعالية الأجسام المضادة المعادلة التي تخبرنا بمدى قدرة هذه الأجسام المضادة في منع الفيروس من الدخول إلى خلايانا .
فيما يتعلق بالأجسام المضادة كانت في جرعتين متتاليتين من فايزر او اللقاح المختلط أعلى من جرعتين من أسترازينيكا أما بالنسبة للأجسام المضادة المعادلة ففي جرعتين من لقاح متطابق أعطى نتيجة أفضل بقليل من إعطاء مزيج من لقاحين .
ما دور المناعة الطبيعية في الوقاية من كورونا ؟
يعود الأمل في مستقبل من دون خوف من «كوفيد – 19» إلى الأجسام المضادة المنتشرة وخلايا الذاكرة البائية. وعلى عكس الأجسام المضادة المنتشرة التي تبلغ ذروتها بعد التطعيم أو العدوى، ثم تتلاشى بعد بضعة أشهر، يمكن لخلايا الذاكرة البائية البقاء لعقود لمنع المرض الشديد، وهي تتطور بمرور الوقت، وتتعلم إنتاج «أجسام مضادة» أكثر قوة، وأفضل في تحييد الفيروس، وأكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات.
وينتج التطعيم كميات أكبر من الأجسام المضادة المنتشرة عن العدوى الطبيعية، لكن دراسة جديدة لباحثين من جامعة روكفلر نشرتها في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي دورية «نيتشر» تشير إلى أنه «ليست كل خلايا الذاكرة البائية متشابهة»، فبينما يؤدي التطعيم إلى ظهور خلايا الذاكرة البائية التي تتطور خلال أسابيع قليلة، فإن العدوى الطبيعية تولد خلايا الذاكرة البائية التي تستمر في التطور على مدى عدة أشهر، مما ينتج أجساماً مضادة قوية للغاية قادرة على القضاء حتى على المتغيرات الفيروسية.
وتسلط النتائج الضوء على ميزة تمنحهاالطبيعية، بدلاً من التطعيم، لكن الباحثين يحذرون من أن «فوائد خلايا الذاكرة البائية القوية لا تعني أنها توفر الحماية من الإصابة العدوي، ولكنها توفر الحماية من المرض الشديد».
متى نصل إلى نهاية كورونا في العالم ؟
أغلب العلماء الآن متفقين أن فيروس كورونا لن ينتهي إنما هو باق كباقي أنواع الفيروسات لكن من المهم أن ينتهي الهلع والخوف من الفيروس .
حدد العلماء شرطين أساسيين يجب توافرهما ليصبح الفيروس أقل خطورة في ظل تزايد قدرته للتحور ، فالعلماء باتو يدركون أن هذا الفيروس لايشبه الفيروسات المستقرة كشلل الأطفال مثلٱ وفي ذلك تقول عالمة الأحياء الجزيئية كاثرين كيتسلر من جامعة واشنطن في سياتل أن الفيروس لن يتوقف عن التحور إنما قد يتباطأ .
ويعتقد بعض العلماء ومنهم لافين التي تعمل في شركة التكنولوجيا الحيوية “كاريوس”أنه كي يصيبح مرض كورونا أشبه بنزلة برد خفيفة يجب أن يتحقق شرطان ،أولهما استمرار الحصول على الحماية المناعية ضد الأعراض الشديدة إما من خلال الإصابة به عدة مرات أو الحصول على اللقاحات .
وتقول أنه إذا كان اللقاح مع التعرض الطبيعي للمرض يوفر مناعة طويلة الأمد للمجتمع ، فبمرور الوقت ستتم حماية الغالبية العظمى من السكان من الأعراض الشديدة للكورونا.
والشرط الثاني أن يظل الفيروس خفيفا لدى الأطفال فكلما أصيبوا به تتكون عندهم مناعة طبيعية مثل البالغين وهكذا سيتم حماية كل شخص في العالم من المرض المروع .
وقد يستغرق الوصول لهذا المستوى من المناعة وقتا طويلا لهذا تبذل الحكومات جهودٱكبيرة لتطعيم أكبر عدد ممكن من الناس لأنه كلما تمت حماية الجميع بشكل أسرع من الأعراض الشديدة كلما تحول هذا المرض من شيء مخيف مثير للهلع إلى مرض عادي لايختلف عن نزلات البرد أو الانفلونزا الخفيفة وفق التقرير الأميركي .
إذا نظرنا إلى الآثار الاقتصادية المدمرة التي رافقت هذا المرض والتي سببها الإغلاق ومنع السفر وامتلاء المشافي بالمرضى والنسبة الكبيرة للوفيات في العالم إلى جانب الآثار النفسية والصحية والجسدية للكورونا نرى أن الكورونا ليست مجرد مرض مثل باقي الأمراض ينحصر تأثيره على جسم المريض إنما هو بمثابة لعنة أصابت الكرة الأرضية بكاملها ولم تفرق بين دول نامية ودول متحضرة ومالم تتضافر الجهود الدولية والشخصية فلن يكون الخروج من دوامة كورونا متوفرآ في الوقت القريب .
التعليقات 1
اضف تعليق