
في ظل تسارع وتيرة حياتنا المعاصرة وزيادة الضغوط والأعباء اليومية أصبح الضغط النفسي والتوتر جزءا” لايتجزأ من معانتنا اليومية.
وسواء كانت الأسباب تعود للعمل أو الحياة الشخصية أو التحديات المالية فإن الشعور بالتوتر والقلق أصبح حالة شائعة تؤثر على الكثير من الأشخاص.
يمكن أن يكون للضغط النفسي بعض الجوانب الإيجابية، بحيث يساعدنا على مواجهة التحديات اليومية بقوة وثقة ، وذلك إذا تمت إدارته بشكل صحيح.
وبنفس الوقت قد يشكل حالة مرضية جسدية ونفسية تترواح شدتها من الخفيفة إلى الشديدة التي تعيق حياتنا اليومية.
وتشكل دراسة الضغط النفسي وكيفية التعامل مع التوتر أهم المهارات التي يجب اكتسابها للبقاء بصحة جيدة ومتوازنة في هذا العالم المعقد.
دعونا نبدأ بفهم أعمق لهذه الحالة المعقدة وأسبابها وأعراضها، ونتعرف على كيفية التعامل معها وإدارة الضغط النفسي الذي ازداد بشكل كبير مع ازدياد تعقيدات الحياة المعاصرة بشكل نستطيع معه الحفاظ على صحتنا النفسية والجسدية وتحسين نمط حياتنا اليومية.
تصنيف التوتر والضغط النفسي
يصنف التوتر بشكل عام إلى توتر نفسي جيد وإيجابي وتوتر نفسي سيء وسلبي.
التوتر النفسي الجيد
هو الذي يساعدنا على إنجاز مهامنا اليومية وتحقيق الأهداف التي يصعب علينا الوصول إليها كما يساعدنا في التعلم والتطور والتكيف مع التغييرات الطارئة في حياتنا كما أنه يمكننا من الصمود في وجه الأزمات ويحسن من جودة حياتنا.
نعم يمكن أن يكون التوتر إيجابيا” ويدفعنا للأفضل:
التوتر .. كيف يمكن أن يغيّر حياتك للأفضل؟
التوتر النفسي السيء
هو الذي يمنع قدرتنا على إنجاز المهام ويحدث عندما تتراكم الضغوط ويقف الإنسان حائرا” أمامها وبمجرد أن يشعر الجسم بهذا الكم من الضغوط يبدأ بالانهيار.
وبشكل عام هناك أشخاص أكثر عرضة للإصابة بالتوتر السلبي وأقل قدرة على التعامل مع الضغوط النفسية وبالتالي يصلون لمستويات أعلى من الإجهاد وهم :
- الأشخاص الذين لايحصلون على دعم اجتماعي كاف.
- الأشخاص الذين يعانون من مشاكل عائلية وأسر مفككة.
- الأشخاص الذين يعانون أساسا” من أمراض جسدية.
عوامل وأسباب الضغط النفسي
قد يتعرض كل إنسان لعامل واحد أو عدة عوامل مجتمعة تؤدي به إلى هذه الحالة، ويشكل التعرف على هذه الأسباب الخطوة الأولى نحو التعامل مع هذا الضغط بشكل فعال.
فما هي هذه العوامل ؟
العوامل الشخصية
- الأزمات الشخصية مثل فقدان شخص مقرب وعزيز او الطلاق والمشاكل العائلية.
- المشاكل المالية مثل الديون أو فقدان الوظيفة أو الدخل غير المستقر.
- الأمراض مثل الأمراض الجسدية المزمنة أو الأمراض النفسية.
العوامل البيئية
- بيئة العمل أي الضغط الناتج عن أعباء العمل الزائد أو الصراعات في العمل أو عدم الرضا.
- البيئة المحيطة كالعيش في بيئة مزدحمة او موبوءة أو غير مريحة.
العوامل النفسية
- التوقعات العالية وتشمل التوقعات غير الواقعية من الذات أو من الآخرين.
- التفكير السلبي وهو التفكير الذي يميل للتشاؤم بشكل عام.
- انعدام التحكم وهو الشعور بعدم القدرة على التحكم في الحياة والظروف المحيطة.
العوامل الاجتماعية
- العزلة الاجتماعية وتتمثل بشعور الشخص بالوحدة وقلة الدعم من المحيط.
- الصراعات الاجتماعية مثل الخلافات مع العائلة والمحيط.
التغيرات الحياتية
- وهي التغيرات الكبرى مثل انتهاء علاقة أو الانتقال من بلد إلى آخر أو التغير بالوضع الاقتصادي.
أعراض التوتر والضغط النفسي
يمكن أن تظهر لدى الشخص أعراض متعددة تقسم إلى أعراض جسدية وأعراض نفسية.
الأعراض النفسية التي يمر بها مرضى الضغط النفسي
- الشعور بالوحدة والاكتئاب بحيث يشعر الشخص بالحزن العميق ويجد صعوبة في الاستمتاع بالأنشطة الجماعية التي كان يستمتع بها سابقا”.
- الشعور بالقلق والتوتر المستمر حول جميع الأمور بما فيها المواقف الاجتماعية البسيطة أو الأداء في العمل.
- صعوبة التركيز في العمل والدراسة كنسيان المهام البسيطة أو متابعة التعليمات والمهام اليومية.
- التقلب المزاجي وهو شعور الشخص بتقلبات حادة في المزاج مثل الشعور بالغضب أو الحزن بشكل مفاجئ.
- قد يحدث التوتر في الحالات المتقدمة أمراضأ نفسية كثيرة ومعقدة وقد تؤدي في بعض الحالات إلى الانتحار.
المزيد من الأمراض النفسية التي يسببها القلق :
الأعراض الجسدية التي تظهر لدى الأشخاص الذين يعانون من الضغط النفسي
- آلام الرأس والصداع المتكرر والمستمر لوقت طويل.
- الأرق وصعوبة النوم بالإضافة إلى الاستيقاظ ليلا” وعدم القدرة على متابعة النوم.
- الشعور بالإرهاق والتعب الدائم بحيث يشعر الإنسان بعدم القدرة على النهوض من الفراش وإنجاز المهام الاعتيادية.
- التهيج والتعرق الزائد.
- قد تصل الأعراض الجسدية في الحالات الشديدة لظهور بعض الأمراض المزمنة مثل أمراض المعدة والضغط بالإضافة لبعض أمراض القلب.
المزيد من الأمراض الجسدية الناتجة عن القلق والتوتر :
بعض الخطوات التي يمكن اتباعها في الحياة اليومية تؤدي إلى التخفيف من القلق والضغط النفسي
- التمارين الراياضية : يساهم النشاط البدني في إفراز هرمونات السعادة مثل الإندروفين.
- إدارة الوقت بفعالية : إن تنظيم الوقت وتحديد الأولويات يساهم بدور كبير في تخفيف القلق الناتج عن الضغط الزمني.
- التأمل واليوغا : تساعد تقنيات التأمل واليوغا على تحقيق الاسترخاء والصفاء الذهني.
- التنفس العميق : عند التعرض لموقف يمكن أن يشعرنا بالتوتر.
- التغذية الصحية : إن تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن يحسن من صحتنا الجسدية والنفسية بشكل عام.
- النوم الجيد : يعزز القدرة على مواجهة المخاوف والقلق.
- ممارسة الهوايات المختلفة.
- الحديث مع العائلة والأصدقاء : من شأنه أن يخفف ضغوطات الحياة والعمل.
- تجنب الكافيين والنيكوتين
- ممارسة الامتنان : التركيز على الأمور الإيجابية في الحياة من شأنه أن يحسن الحالة النفسية بشكل عام.
- التسليم والقبول والإيمان بعدم القدرة على التحكم بجميع الأشياء في الحياة.
بعض الخطوات التي قد تساعدنا في إيجاد السلام الداخلي ، وبعض تمارين اليوغا التي تخفف من الضغط والتوتر :
علاج أمراض الضغط النفسي والتوتر والقلق
هناك شقان رئيسيان لعلاج اضطرابات القلق والتوتر يتمثل الشق الأول بالعلاجات النفسية بإشراف الأطباء والمعالجين النفسيين، أما الشق الثاني فهو العلاج بالأدوية.
العلاج النفسي
إن العلاج النفسي الإدراكي (CBT) هو أحد العلاجات ذات الفعالية الكبرى في حالات التوتر والقلق و يتضمن هذا العلاج.
- تحديد الأفكار السلبية التي تؤدي إلى التوتر.
- تحليل هذه الأفكار والمعتقدات لفهم كيفية تأثيرها على المشاعر والسلوكيات.
- تعليم المريض بعض التقنيات لتحويل الأفكار السلبية إلى أفكار إيجايبة أو حقيقية.
- تعليم تقنيات التهدئة كالتنفس العميق والاسترخاء
- تقديم مهارات وتمارين للتعامل مع المواقف المقلقة.
- العلاج بالمواجهة وهو من أهم العلاجات التي تهدف إلى تعريض المريض بشكل تدريجي للمواقف والأشياء التي تسبب له القلق مما يساعده على التكيف معها وتقليل مستوى التوتر بمرور الوقت وهي تحتاج إلى الالتزام والصبر من المعالج والمريض وتشمل عدة خطوات منها:
- تحديد المواقف التي تؤدي إلى القلق والتوتر بشكل عام.
- تقييم شدة القلق لكل موقف أو نشاط ثم ترتيبها من الأقل تسببا” بالتوتر إلى الأكثر.
- البدء بتعريض المريض ووضعه بمواجهة هذه المواقف بشكل تدريجي من الأقل إلى الأكثر ويتم ذلك ببطء شديد لضمان تحمل المريض لهذه المواقف والضغوطات.
- تعلم التقنيات المختلفة للتحكم بالغضب والقلق أثناء التعرض لتلك المواقف المختلفة.
- تتم مراجعة التقدم للمريض وتقييم النتائج لضمان تحقيق التحسن.
اختبار بسيط مصمم من بعض الأطباء لتحديد درجة القلق عند الإنسان.
العلاج الدوائي
يعتمد هذا النوع من العلاج على نوع الأعراض والحالة العامة للمريض وبشكل عام يوجد عدة أنواع من الأدوية التي يمكن استخدامها لعلاج هذه الحالات
- مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الإنتقائية وتعمل هذه الأدوية على زيادة السيروتونين في الدماغ مما يساعد في تحسين الحالة المزاجية مثال على هذه الأدوية: سيرترالين ، إسيتالوبرام ، فلوكستين.
- مثبطات إعادة امتصاص النورابينفرين وتعمل هذه الأدوية على تقليل إعادة امتصاص السيروتونين والنورابينفرين في الدماغ مما يساعد على تخفيف القلق والتوتر مثال على هذه الأدوية إيفيسكور ، سيمبالتا .
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات وتستخدم هذه الأدوية في علاج الاكتئاب واضطرابات التوتر والقلق ولكنها قد تكون غير مريحة نظرا” لآثارها الجانبية مثال على هذه الأدوية دوكسيين ، غابا بينزوديزيبين.
ومن المهم دائما” استشارة الطبيب قبل البدء بأي علاج دوائي لأنه الوحيد القادر على تحديد الأدوية المناسبة بناء” على الحالة الصحية الكاملة للمريض والأدوية الأخرى التي يتناولها.
في الختام نجد أن الضغط النفسي هو ظاهرة منتشرة ومعقدة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على حياتنا اليومية وصحتنا العقلية والجسدية.
فلنتذكر دائما” أن القوة الحقيقة تكمن في الوعي والقدرة على التكيف، وأن الخطوة الأولى نحو الشفاء تبدأ بالإقرار بوجود المشكلة، والسعي للحصول على الدعم اللازم لحلها.
أتمنى أن يكون هذا المقال قد أضاف معرفة قيمة وساعد في تقديم بعض الحلول لتحقيق الراحة والسلام النفسي.
التعليقات 2
الضغط النفسي والتوتر من أكثر الأمراض شيوعاً في الزمن الحالي.
شكراً على المقال المهم.
اضف تعليق