أفكار أحمد الشرع الاسلامية والسياسية والاقتصادية على المحكّ . أفكار تم طرحها سابقاً و الآن تم تأكيدها في مؤتمر انتصار الثورة السورية ، المؤتمر الذي تم تنصيب أحمد الشرع فيه كرئيس للمرحلة الانتقالية . مرحلة ربما عرفنا بدايتها ولكن حتى الآن لم نعرف نهايتها .
سنبحر معاً في بحر الأفكار التي اتّسم بها أول رئيس للجمهورية العربية السورية بعد التحرير وسنحاول جاهدين تحليل هذه الأفكار بناء على الواقع والمنطق وبعيداً عن الأراء الشخصية سواء الطائفية أو غير المنطقية ..ِ
الفكر المؤسساتي لأحمد الشرع
يؤكد أحمد الشرع على أن الثورات قادرة على إزالة الأنظمة الفاسدة ولكنها لا تكفي لبناء دولة. يرى أن هناك حاجة إلى مؤسسات قوية واستراتيجية بناء دولة لتحقيق الاستقرار.
تحليل
هذا التصريح من الشرع يعكس وعيًا بالتحديات التي تواجه الدول التي تخرج من الثورات أو الحروب الأهلية. يشير إلى الحاجة إلى انتقال ديمقراطي وتأسيس مؤسسات قادرة على حكم البلاد بشكل فعال، مما يتطلب وقتًا وجهودًا مستمرة لتجنب الفوضى أو الاستبداد الجديد. فمَنْ ينظر الى التاريخ يدرك أن ثورات الشعوب هي الأساس في سقوط أنظمة الفساد والظلم والقهر وبنفس العين تلك يتيقّن أن الثورات لا تصنع دولة ولا تبني جسراً ولا تعمّر حجراً.
العدالة الانتقالية وملئ فراغ السلطة
يضع السيد الشرع أولوياته للمرحلة القادمة حيث يشدد على ملء فراغ السلطة، السلم الأهلي، تحقيق العدالة الانتقالية، بناء المؤسسات العسكرية والأمنية، التنمية الاقتصادية، واستعادة المكانة الدولية والإقليمية.
وفي كلمة له عقب الاجتماع، قال أحمد الشرع، الرئيس الجديد للبلاد إن أولويات سوريا هي ملء فراغ السلطة، والحفاظ على السلم الأهلي، وبناء مؤسسات الدولة، والعمل على بنية اقتصادية تنموية، واستعادة سوريا لمكانتها الدولية والإقليمية.
وأضاف أن ما تحتاجه سوريا اليوم يفوق ما احتاجته في أي وقت مضى، فكما عزمنا في السابق على تحريرها، فإن الواجب هو العزم على بنائها وتطويرها
تحليل
هذه الأولويات تظهر تركيزًا على إعادة بناء الدولة من الأساس، حيث يرى أن التحدي الرئيسي ليس فقط في إزاحة الحكم السابق ولكن في تأسيس هيكل حكم جديد يحترم حقوق الإنسان والقانون. العدالة الانتقالية هنا تكون وسيلة لترميم العلاقات الاجتماعية وإعادة الثقة بين المواطنين.
إنّ أكثر من خمسين سنة من زرع الفتنة والتفرقة بين الطوائف وإيهام الأقليات أن السنّة اذا كانوا في السلطة فسينتقمون منهم أشدّ انتقام لا يمكن تغييره بين ليلة وضحاها .
تواصل الرئيس السوري الجديد مع الأطراف الداخلية والخارجية
يؤكد الرئيس السوري الجديد على أهمية التواصل مع أطراف داخلية وخارجية لإيجاد أفضل طريق لمستقبل سوريا.
تحليل
هذا يشير إلى استراتيجية دبلوماسية حيث يتطلب بناء دولة ما بعد الحرب تفاهمًا وتعاونًا مع القوى المحلية والدولية. يعترف بأن الحل السوري لا يمكن أن يكون مستقلاً عن السياق الإقليمي والدولي، وبالتالي فإن التواصل الدولي يعتبر جزءًا حيويًا من استراتيجيته. أهمية التعاون الداخلي والسلم الأهلي وضرورة نبذ الانتقام عناصر رئيسة لقيام الدولة السورية القوية ولكنها لا تكفي دون الأخذ بعين الاعتبار القوى الحارجية وخاصة المؤثرة في الساحة السورية .
رؤية أحمد الشرع للحكم والدولة
تتجلى رؤية أحمد الشرع للحكم في فكرة الحسبة دون تصادم مع أعراف الناس وأهمية فصل الدين عن الدولة في سياق الحكم.
تحليل
هذه الرؤية تعكس نوعاً من الواقعية في تعاملها مع المجتمع السوري المتنوع وتأكيد على أن الحكم يجب أن يكون شاملاً لجميع أبناء الشعب، وأن الدين لا يجب أن يستخدم كأداة للسيطرة أو الاستبداد.
أفكار الشرع الإسلامية مقابل المدنية
على الرغم من أن أحمد الشرع ينتمي إلى مجموعة معروفة بارتباطها بالإسلام السياسي، فإنه يتحدث عن أهمية فصل الدين عن الدولة في معالجة الشؤون العامة. هذا لا يعني إنكار الإسلام كدين الدولة ولكن الحفاظ على القوانين والمؤسسات العامة بعيدًا عن التأثير الديني المباشر.
تحليل
هذا التوجه يمكن أن يعكس فهمًا للضرورة الاستثنائية لبناء مؤسسات دولة قوية تخدم جميع المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. يمكن أن يكون هذا جزءًا من استراتيجية لتجنب الانقسامات الدينية أو العرقية التي ساهمت في تعميق الحرب الأهلية في سوريا. إنّ الأمر لا يحتاج خضرمة في عالم السياسة حتى تُدرك أنّه لا يمكن لأي دولة فاعلة في المشهد السوري أن تقبل بقيام دولة اسلامية خالصة بالكامل ولا حتى معظم الشعب السوري ممكن أنّ يتقبّل تلك الفكرة المجنونة .
موازنة أحمد الشرع بين المقاومة والتسوية
الشرع يؤكد على أن الحرب ليست الحل، لكنه لا يتخل عن حق المقاومة ضد الاحتلال أو الاستبداد. فقد دعا إلى تسوية سياسية مع الضمانات الدولية للحفاظ على حقوق المواطنين وسيادة الدولة.
تحليل
يظهر هنا تحدٍ في التوازن بين المثالية القتالية للمقاومة وواقعية الحلول السياسية. ويعكس هذا النهج وعيًا بأن العنف لا يمكن أن يكون السبيل الوحيد للتغيير أو الحفاظ على الهوية الوطنية، ولكن في الوقت نفسه، يدعم حق الشعوب في الدفاع عن أنفسهم.
رؤية الشرع في إعادة بناء سوريا
ينادي رئيس المرحلة الانتقالية بإعادة بناء سوريا من خلال التنمية الاقتصادية، تعزيز القطاعات الخاصة والعامة، وإعادة اللاجئين إلى وطنهم. يرى أن هذا يتطلب مشاركة دولية واستثمارات خارجية بالإضافة إلى إدارة محلية فعالة.
تحليل
هذه الفكرة تعكس فهمًا للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للسلام والاستقرار. تعزيز التنمية الاقتصادية ليس فقط لتحسين مستوى المعيشة ولكن أيضًا كوسيلة لتعزيز الوحدة الوطنية واستعادة الهوية السورية بعد فترة من التفتت والتشرذم.
أفكار أحمد الشرع فيما يخصّ العلاقات الدولية
يؤكد الرئيس المؤقت لسوريا على أهمية تعزيز العلاقات الدولية لسوريا، مع الدول العربية، الغربية، وروسيا وإيران، باعتبارها جزءًا من استراتيجية شاملة لاستعادة مكانة سوريا في الساحة العالمية.
تحليل
هذا النهج يعكس توجهاً نحو الواقعية السياسية حيث يدرك أن سوريا لا يمكن أن تكون جزيرة منعزلة في عالم متصل. تعزيز العلاقات الدولية هو جزء من تحقيق الاستقرار الداخلي والخارجي، ولكنه يتطلب مهارات دبلوماسية عالية لتوازن بين المصالح المتنافسة. لو نظرنا للشارع السوري من قريب لوجدنا أنّ هناك من يطالب بقطع العلاقات مع الدول الداعمة للنظام السابق وفي مقدمتها إيران وروسيا , ولكن من يخوض غمار السياسة يدرك أن الأمور لا تُخذ بهذه الطريقة.
إنّ أفكار أحمد الشرع تعكس توجهاً نحو الواقعية السياسية مع محاولة لدمج القيم الإسلامية داخل سياق دولة مدنية قادرة على التعامل مع التنوع السوري. هذه الأفكار تواجه تحديات كبيرة في تطبيقها بسبب الوضع الأمني والدولي المعقد لسوريا، ولكنها تشكل نقطة بداية لمناقشة مستقبل الدولة السورية بعد الحرب الأهلية.
التعليقات 1
اضف تعليق