الطب البديل هو مجموعة من الطرق العلاجية المعروفة منذُ آلاف السنين و المتوارثة على مر العصور، تطوّرت مع مرور الوقت وانتشرت في كل أنحاء العالم، يمكن أن تُستخدم جنباً إلى جنب مع وسائل الطب الحديث ، حيثُ كان لها دور مهم في تطوّر الطب بشكل عام، وقد أثبتت فعاليتها في كثير من الحالات المرضية.

ولكن لا يزال موضوع الطب البديل يُحدث جدلاً كبيراّ في كثير من الحالات، وتتنوع الآراء بين من يعتبرهُ علاجاً ناجحاً و يفضّلهُ على الطب الحديث والأدوية القائمة على العلم و التجارب المخبرية حتى، وآخر يعتبره محض خرافة قائمة على الدّجل والنّصب ليسَ إلّأ.

لذلك سنتعرّف في هذا المقال على مفهوم الطب البديل وأنواعه، وما يحمله من فوائد ومخاطر محتملة.

تعريف الطب البديل:

الطب البديل (Alternative Medicine) أو ما يُعرف بالطب الشعبي أو الطب التكميلي، هو عبارة عن مجموعة من الممارسات التي تهدف إلى علاج الآلام والأمراض المختلفة بعيداً عن التدخل الدوائي الكيميائي، ويعتمد في العلاج على وسائل مختلفة مثل الأعشاب والأغذية والتدليك والتأمل واليوغا والإبر الصينية، وغيرها من الوسائل الطبيعية التي تستهدف الجوانب العقلية والجسدية والروحية لدى المريض. ومعظم هذه العلاجات مصدها من دول قارة آسيا مثل الصين والهند.

أشهر أنواع الطب البديل:

1_ طب الأعشاب:

يُعتبر التداوي بالأعشاب من أشهر أنواع الطب الشعبي، ويعتمد الكثير من الأشخاص حالياً على النباتات الطبية كبديل علاجي عن الأدوية الكيميائية. مع العلم أنّ الطب الحديث حالياً يستخدم الكثير من المركبات الكيميائية المستخرجة من النباتات الطبية كمواد أولية لصنع العقاقير الدوائية. فقد أثبت طب الأعشاب جدارته في كثير من الحالات المرضية، ولا يزال يأخذ بالانتشار.

العلاج بالأعشاب من طرق الطب البديل

2- الوخز بالإبر الصينية:

العلاج بالإبر الصينية هو طريقة علاج من علاجات الطب البديل، جاء أصلها من الطب الصيني التقليدي وهي تعتمد على وخز الجلد بواسطة إبر معدنية رقيقة تعمل على تحفيز نقاط معينة في الجسم وتعزيز الشفاء. وقد أثبتت هذه الطريقة فعاليتها لتخفيف الألم في كثير من الحالات المرضية لا سيما في علاج الألم المزمن والقلق والاكتئاب وتحسين جودة النوم.

علاج الوخز بالإبر الصينية من طرق الطب البديل

3- العلاج بالحجامة:

الحجامة هي طريقة من طرق الطب البديل تعتمد على استخدام الكؤوس لشفط الدم على سطح الجلد، وتساعد في علاج الالتهاب و تخفيف الألم و تنشيط الدروة الدموية.

و لها نوعين: حجامة جافة و حجامة رطبة.

ولكن لها بعض الآثار الجانبية فهي قد تترك آثاراً على الجلد كالكدمات والحروق.

العلاج بالحجامة

4- طب العلاج بالطاقة:

العلاج بالطاقة هو طريقة من طرق علاجات الطب البديل أيضاً، يعتمد على مبدأ وجود طاقة حيوية خفيّة تتدفق في أجسامنا، وحدوث خلل في هذه الطاقة يسبّب شعور المرض. نشأ هذا النوع من العلاج بدايةً في اليابان و الهند ثم انتشر إلى باقي أنحاء العالم، ولهُ عدة أنواع أشهرها:

  1. العلاج بالريكي
  2. علاج الشاكرات
  3. اللمسة العلاجية

ولا يزال العلاج بالطاقة موضوع شكّ عند الكثير من الأشخاص. فهو يُعتبر ثقافة تخاطب الروح ونوع من العلاج الروحي و النفسي المعتمد على قوة التوجيه والتفكير.

العلاج بالطاقة من طرق الطب البديل

5- العلاج بتقويم العمود الفقري:

تقويم العمود الفقري هو طريقة من طرق علاج الطب البديل، وهو عبارة عن تقنيات يدوية تعتمد على الضغط الموجّه و التلاعب بالعمود الفقري والمفاصل الأخرى للعلاج والوقاية من اضطرابات العمود الفقري والجهاز العضلي الهيكلي، حيثُ يساعد في تخفيف الألم والتّصلّب  وتحسين حركة العمود الفقري. وهو يعتبر من الطرق الآمنة والفعّالة لكنّه يتطلّب وجود مُقوِّم للعمود الفقري محترِف ومدرَّب ليقوم بعملية العلاج الفعّال والآمن.

العلاج بتقويم العمود الفقري من طرق علاجات الطب البديل

6-طب الآيروفيدا:

طب العلاج بالآيروفيدا هو النظام الطبي التقليدي الذي يمارس في الهند منذُ آلاف السنين، ويُعتبر من أقدم أشكال الطب في العالم، والهدف الأساسي منه هو تعزيز صحة الجسم والوقاية والعلاج من الأمراض. ويعتمد بشكل أساسي على مفهوم الدوشا وتعني قوى الحياة الأساسية، والتي تضم ثلاث دوشات أو ثلاث طاقات أساسية تعمل مجتمعةً لتكوين توازن الجسم وهي:

الفاتا (Vata) وتعني الهواء

البيتا (Pitta) وتعني النار والماء

الكافا (Kapha) وتعني الماء والأرض

وحسب طب الآيروفيدا فإن المرض يحدث عند حدوث خلل في تدفق الطاقة بين العقل والجسد والروح، فيسعى دوماً لإعادة خلق هذا التوازن والانسجام عن طريق علاجات متنوعة مثل العلاج بالأعشاب والتدليك والتأمل واليوغا والنظام الغذائي.

طب الآيروفيدا هو الطب البديل القديم في الهند

7- العلاج باليوغا:

عُرفت اليوغا منذُ القدم  كطقس روحي في الديانات الهندوسية والبوذية، و تستخدم كعلاج عن طريق تطبيق مجموعة من التمارين والتقنيات الجسدية والذهنية المبنية على وضعيات مختلفة داعمة للجسم، تشمل تمارين التأمل والتخيّل و التنفس. وهي تُعتبر شكل من أشكال الاسترخاء بهدف تحسين الصحة الجسدية والعقلية، وقد أثبتت فعاليتها في كثير من الأمراض النفسية، والمشاكل العضلية والعظمية كآلام الظهر والرقبة، وغيرها.

اليوغا تُعتبر فنّ بحدَّ ذاتها حيثُ تعتمد على تكامل العقل والجسد والروح لخلق التوازن والانسجام، والارتقاء إلى نمط حياة أكثر صحة.

العلاج باليوغا

تعرّفنا فيما سبق على أنواع الطب البديل، ومن الجدير بالذكر أن بعض هذه الأنواع لا يزال يأخذ بالانتشار مع وجود دراسات وحالات صحية مثبتة لفعاليته كما في العلاج بالوخز بالإبر والعلاجات العشبية، وفي نفس الوقت هناك بعض العلاجات غير المثبتة بالأدلة العلمية حتى يومنا هذا ولذلك لا يزال الطب الشعبي يحظى بالاستنكار عند البعض.

 أهم فوائد الطب البديل:

  1.  الآثار الجانبية المنخفضة: يؤمّن الطب البديل خيارات علاجية طبيعية مثل العلاجات العشبية والتدليك والتأمل والوخز بالأبر،   بعيداً عن المواد الكيميائية أو العمليات الجراحية ذات التأثير القوي والخطير على الجسم، لذلك تعتبر خيار آمن وفعال عند كثير من المرضى ولكن بشرط أن يكون العلاج بعد استشارة أخصائي الرعاية الصحية ولا سيما عند المرضى المزمنين أو الذين يتناولون أدوية معينة.
  2. معالجة السبب الجذري للمشكلة: وذلك لأن الطب البديل ينظر لكل مريض بشكل فردي وبنظرة أكثر شمولية حيثُ يأخذ بالأسباب النفسية والبيئية والغذائية ويحدد الاحتياجات الفردية لكل مريض، ولا يعالج الأعراض فقط بل يساعد على خلق نمط حياة صحي دائم.
  3. الطب البديل يمكن أن يساعد بشكل خاص في الحالات المرضية المزمنة: بعض الحالات المرضية المزمنة مثل التهاب المفاصل ومتلازمة التعب المزمن التي ليس لها علاج جذري في الطب التقليدي، كان الطب البديل خياراً علاجياً مناسباً لتخفيف الأعراض بشكل مثالي، ومثبت تجريبياً بتخفيف الألم والتعب وتحسين نوعية الحياة بشكل عام.
  4. التكلفة المنخفضة وتوفر العلاج: وذلك لأن الطب البديل يعتمد على خيارات علاجية طبيعية موجودة ومتوافرة في الحياة اليومية، مثل النباتات العشبية والزيوت العطرية وغيرها مما يسهل على المريض مرحلة العلاج.
  5. يمكن أن يستخدم كعلاج مكمّل جنباً إلى جنب مع الطب التقليدي أو الطب الحديث:  في حين أن الطب البديل يمكن أن يستخدم بشكل مستقل لوحده، إلا أن دمجه إلى جانب الطب التقليدي في رحلة العلاج ساعد على تحقيق نتائج علاجية أفضل بكثير. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الوخز بالإبر لتخفيف الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي، أو يمكن استخدام العلاجات العشبية لدعم الجهاز المناعي أثناء العلاج الإشعاعي.
  6. التوازن والشفاء الشامل: لأن الطب البديل يقوم على مبدأ توازن الطاقة و الانسجام الشامل والتكامل بين العقل والجسم والروح، من خلال علاجات مثل التأمل والتدليك واليوغا والتغذية الصحية.

مخاطر الطب البديل أو الشعبي

  1. عدم وجود الأساس والدليل العلمي: قد يفتقر الطب الشعبي للدليل العلمي في التشخيص والعلاج، فهو لا يمر بمراحل البحث العلمي التي يمر بها الطب الحديث في صنع الدواء بدايةً بالتجارب المخبرية الأولية على الحيوانات وصولاً لتصنيع الدواء النهائي في المعمل، وإنما يعتمد على بعض الثقافات والمعتقدات الدينية والتجارب الفردية لكل شخص.
  2. احتمالية التشخيص الخاطئ: قد يؤدي استخدام علاجات الطب البديل في بعض الأحيان إلى تأخير التشخيص الدقيق للحالة المرضية، مما قد يؤثر سلباً في الخطة العلاجية ويؤدي إلى تفاقم الحالة.
  3. خطر السمية والتفاعلات الدوائية: قد يعتقد البعض أن العلاج الطبيعي آمن تماما ولكن هذا الكلام غير دقيق. فعلى سبيل المثال، في طب الأعشاب توجد بعض النباتات التي قد يكون لها تأثير سمّي، أو قد تتفاعل بعض النباتات مع بعض الأدوية التي يتناولها المريض في حالة بعض الأمراض المزمنة مثلاً. مما يؤدي إلى آثار جانبية وسمية خطيرة. لذلك من الضروري التأكيد على أهمية استشارة الطبيب وأخصائي الرعاية الصحية قبل البدء بالعلاج البديل.
  4. عدم فعالية العلاج في بعض الحالات المرضية: قد لا يكون استخدام علاجات الطب الشعبي هو الخيار المثالي في بعض الأمراض الخطيرة مثل اضطرابات تخثر الدم، أو السكري، أو الصرع، أو التشنجات العصبية أو غيرها من الحالات المستعصية التي لا بد فيها من التدخل الدوائي للحصول على الفعالية المطلوبة.
  5. الآثار الجانبية: على الرغم من قلة الآثار الجانبية في علاجات الطب البديل بشكل عام مقارنةً بالأدوية الكيميائية والتدخل الجراحي، إلا أنّ بعض العلاجات البديلة مثل الوخز بالإبر والحجامة قد تسبب الكدمات أو النزيف أو بعض الحروق، وأساليب أخرى قد تسبب ضرر في بعض أعضاء الجسم.

في الختام لا بد من التنويه على أنّ الطب البديل لا يمكن أن يأخذ مكان الطب الحديث، فلكلّ منهما منهج مختلف قد ينجح في بعض الحالات ويفشل في أخرى. واختيارك لأسلوب العلاج يكون حسب الحالة المرضية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن النتائج في علاجات الطب البديل أو الشعبي قد تختلف من حالة إلى أخرى وذلك حسب نوع المرض، وطبيعة الجسم، والعمر وغيرها من الاختلافات الفردية التي تعطي الطب البديل طابع الشمولية. مع التأكيد على أهمية استشارة الطبيب المختص قبل البدء بالعلاج البديل.

وعلى الرغم من الهجوم والاستنكار على هذا النوع من الطب من قبل الكثير من الأشخاص، إلا أنّ الطب البديل يبقى علماً واسعاً وعميقاً، وله تفرّعات كثيرة تفتح أبواب المعرفة على مختلف الثقافات لكل من يرغب في التوغّل والتعمّق في أساليب هذا الفن العظيم.